للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ويستنفقَها ولا يرفعها والذي روى أبو داود عن جابرٍ أن النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - رخص لهم في السَوطِ والعصا والحبل أن ينتفعُوا به (١)، إذ قيمة ذلك يسيرة، كما أنه لا خلاف بينهم أن ما لفظه البحر من قصعةٍ وحوت فإنه يأخذه لنفسه، فإن كانَ متاعاً لمسلمٍ صَار لقطة وإن كان لكافر دفعه إلى الإِمام.

قال المتأخرون: إن كان عدلًا وإلَّا أخذه وواسى منه وإن شك هل هو لمسلمٍ أو لكافرٍ تورع عنه. وقد قال مالك إن لقطة مكة كسائر اللقط، وتكلم في ذلك العلماء من أصحابنا في الاحتجاج لمالك والانفصال عن الحديث، ولست أرى مخالفة الحديث في هذه المسألة ولا حاجة بنا إلى أن نتكلف تأويل ما لا يقبلُ التأويل ولما قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: (أعرف عفاصها ووكاءها) دل على أن الذي يجزي صاحبها في اعترافها هذا القدر من الدليل وقيل إنما ذكر ذلك على معنى التنبيه، إذ لا بد له أن يذكر الإمارات من العفاص والوكاء باتفاقٍ، زاد ابن القاسم وأشهب. والعدد زاد ابن شعبان والسكة ولكلِ واحدٍ منهم حجة. أما من تعلق بالعفاص والوكاءِ فقال: لأنه المذكور في الحديث، وأما من شرط العدد فقال لأنه الغاية في البيان وأما من شرط السكة فإنما نظر إلى اختلاف السكك في زمانه، فلو ذكرَ واحدًا وهو العفاص أو الوكاء، فاختلف الناس فيه، ومن علمائنا من قالَ: يجزيه ذكر كل واحد منهما ويحلف في تفصيل بيانه في المسائل ومنهم من قال لا أقل مما ذكر النبي - صلى الله عليه وسلم - ومنهم من قال كيف يكون مع أحدٍ شيء لا يعرف سكته ولا عدده والصحيح عندي أنه يعطى بواحدٍ بغير يمين، والدليل عليه حديث أبي داود أن علي بن أبي طالب رضي الله عنه وجدَ ديناراً (٢). الحديث. روَاه أبو داود إلى أن قال فيه: فبينما هم يأكلون


(١) أبو داود (١٧١٧) وفي سنده المغيرة بن زياد قال في التقريب صدوق له أوهام ت ص ٥٤٣ وقال أبو داود عقب إخراجه رواه النعمان بن عبد السلام عن المغيرة أبي سلمة بإسناده ورواه شبابة عن المغيرة بن مسلم عن أبي الزبير عن جابر قال كأنه لم يذكر النبي صلى الله عليه وسلم.
(٢) أبو داود (١٧١٥) من طريق بلال بن يحيى العبسي عن علي أنه التقط ديناراً فاشترى به دقيقاً فعرفه صاحب الدقيق فرد عليه الدينار فأخذه علي وقطع منه قيراطين فاشترى به لحمًا. وإسناده حسن كما قال الحافظ في التلخيص ٣/ ٧٥ وساق أبو داود رواية أخرى قبل هذه وفيها رجل مجهول من حديث بكير بن الأشج عن عبد الله بن مقسم حدثه عن رجل عن أبي سعيد الخدري أن علي بن أبي طالب وجد ديناراً فأتى به فاطمة ... (١٧١٤).
وقد أعل البيهقي روايات هذا الحديث لاضطرابها ولمعارضتها لأحاديث اشتراط السنة في التعريف لأنها أصح قال ويحتمل أن يكون إنما أباح له الأكل قبل التعريف للاضطرار. السنن الكبرى ٦/ ١٩٤.

<<  <   >  >>