للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الطائف بعد نزولِ الحجاب بسنتين، وإنما كان مأذوناً له في ذلك لكونه من غير أولي الإربة وللحجبَة أحكام بيانها في مسائل الأحكام ولم يفرد لها علماؤنا كتابًا ولا بابًا وقد بالغنا فيها في كتاب أحكام القرآن فلينظر هناك في سورة النور (١).

القضاءُ في الحضانةِ

روى أبو داود وغيرهُ أن امرأة جاءت إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقالت. يا رسول الله، إن ابني هذا، كانَ بطني له وعاءً، وثديي له سقاءً، وحجري له حواءً وإنَّ أباه طلقني ويريدُ أن يأخذه مني فقال لها النبيّ - صلى الله عليه وسلم -: (أنتِ أحق به ما لم تُنكحي) (٢)، واتفق العلماء على ذلك لأن الآدمي محتاج في صغره إلى الكفالة، محتاج في كبره إلى النصرة والولاية، والأم على الكفالة أقدر وبها أبصر فإنها التي تكفل الابن في معاشه وبينها وبين الولد علاقة في هذه الحالة ليست للوالد وهو إذا كبرَ واستقل بنفسه محتاج إلى النصرة فهو سيأوي إليها إذا وجدها ولذلك مهما عكفت الأم على الولد كانت به أحق فإذا دخل بها زوجها الثاني سقط حقها بالنص وبالمعنى وهو أن الضرر يلحق الولد باشتغالها بزوجها في حالة الكفالة وانتهائها به في


وذكر القرطبي بعد هذا ١٢/ ٢٣٥ الأبيات الآتية وكذلك نقل محمَّد بن حامد الفقي عن المنذري قوله وفي رواية لعبد الله بن أمية أنه قال له هيت إن فتحتم الطائف فعليك ببادية بنت غيلان الثقفي فإنها تقبل بأربع وتدبر بثمان مع ثغر كالأقحوان إن جلست تثنت وإن تكلمت تغنت بين رجليها كالإناء المكفوء وهي كما قال قيس بن الحطيم:
تغترق الطرف وهي لاهية ... كأنما شُف وجهها نُزف (*)
بين شُكُول النساء خلقتها ... قصداً فلا جَبْلة ولا قضف (**)
تنام من كثر شأنها فإذا ... قامت رويدًا تكاد تنقصف
فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: (لقد غلغلت النظر إليها يا عدو الله). تهذيب السنن ٧/ ٢٤٠.
والكلام المتقدم نقله الحافظ في الفتح ٩/ ٣٣٥ وعزاه للكلي.
(*) يقول من نظر إليها استغرقت طرفه وشغلته عن النظر إلى غيرها وهي لاهية غير محتفلة.
(**) القضف النحافة.
(١) انظر الأحكام (١٣٧٤).
(٢) رواه أبو داود (٢٢٧٦) والحاكم في مستدركه ٢٢/ ٢٠٧ وقال صحيح الإسناد ووافقه الذهبي وأحمد في المسند ٢/ ١٨٢، والبيهقي في السنن ٨/ ٤ - ٥ من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عبد الله بن عمرو أن امرأة قالت: "يا رسول الله إن ابني هذا كان بطني له وعاء ... " وهذه السلسلة صححها ابن العربي في مواضع كثيرة من هذا الكتاب.

<<  <   >  >>