للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مسألة التاسعة: قال مالك: ليس في المأمومة ولا الجائفةِ قود (١) ولا تكون المأمومة إلا في الرأسِ وقد انتهى رسول الله صلى الله عليه وسلم في كتابه لعمرو بن حزمٍ إلى الموضحةِ وجعل فيها خمساً من الإبل (٢) واختلف قوله في المنقلةِ هل فيها قود أم لا؟ على روايتين والأصل في ذلك، أن كل جرحٍ لا يخاف منهُ (٣) التلف ففيه القصاص وكل ما يخشى فيه التلف فالقصاص فيه ساقط بإجماع، وكل ما يشكل الحال فيه فيقعُ الفتوى بحسب ما يغلب الظن عليه في حال الفتوى.

المسألة العاشرة: في محل الديَّة وهو متعدد الحاضر منه الآن سبعة عشر محلاً: النفس، العينان، اللسان، الشفتان، اليدان، الرجلان - وذلك كله مذكور في حديث عمرو بن حزم - عين الأعور، ثدي المرأة، إليتاها، أطراف الأذنين - باختلاف السمع - الأنف، والصلب، الذكر، الأنثيان، الافضاء، الكلام. وفي كل واحدة من الأنثيين الدية في إحدى الروايتين، فأما النفس والعينان، واليدان، والرجلان، واللسان، والأنف، والسمع، والعقل والذكر فلا خلاف فيه، وأما عين الأعور فنظر مالك إلى أن الجاني قد أتلفَ بصرًا كاملًا (٤)، ونظر المخالف إلى أنه قد أتلف عضوًا واحداً. ورأى مالك أنَّ نقصان المحل إنما يرجع إلى نقصان قدر البصر، ورأى أن قدر البصر لا يراعى إجماعاً فإن دية حاد البصر كدية الناقص عنه سواء، والمسألة خفية النظر فلتطلب في مسائل


(١) الموطّأ ٢/ ٨٥٨.
(٢) مالك عن عبد الله بن أبي بكر بن محمَّد بن عمرو بن حزم عن أبيه أن الكتاب الذي كتبه رسول الله صلى الله عليه وسلم لعمرو بن حزم في العقول أن في النفس مائة من الإبل وفي الأنف إذا أوعى جدعاً مائة من الإبل وفي المأمومة ثلث الدية وفي الجائفة مثلها وفي العين خمسون وفي اليد خمسون وفي الرجل خمسون وفي كل إصبع مما هنالك عشر من الإبل وفي السن خمس وفي الموضحة خمس. الموطأ ٢/ ٨٤٩ ورواه النسائي ٨/ ٥٧ و٥٨ و٥٩ و٦٠ والبيهقي ٨/ ٨٥ وقال وقد رويناه من أوجه أخر مرسلاً وموصولًا وقد تقدم الكلام عليه في الزكاة.
(٣) أي تلف الجاني إذا مكن القاضي المجني عليه من جرحه جرحًا مماثلًا فإذا كان الجاني مصابًا بمرض يؤدي إلى استمرار نزف دمه كالمصاب بمرض السكر ونحوه فيهلك فيسقط القصاص ويرجع إلى الدية.
(٤) قال مالك في عين الأعور الصحيحة إذا فقئت خطأ إن فيها الدية كاملة. الموطأ ٢/ ٨٥٧ قال البغوي وهو قول الزهري ويروى ذلك عن عمر وسليمان بن يسار. شرح السنة ١٠/ ١٩٨.
قال الباجي وهذا على ما قال إن في عين الأعور الدية كاملة قال ابن سحنون وابن المواز أجمع أصحابنا على ذلك وقاله أشهب في المجموعة والموازية وقال العراقيون فيها نصف الدية كإحدى اليدين وهذا غير مشبه لليدين لأنه يبصر بالعين الواحدة ما يبصر بالعينين ولا يعمل بيد واحدة ما يعمل بيدين ولا يسعى برجل واحدة سعيه برجلين. المنتقى ٧/ ٨٥ وانظر الكافي ٢/ ١١١٢.

<<  <   >  >>