للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يصح وعندي أنه صحيح ولكن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - إنما فعلَ ذلك بهم في صدرِ الإِسلام تأليفاً لهم إذ لم تكن تلزمه في أصل المسألة دية فإذا سقط الأصل وهو الوجوب، فأولى وأحرى أن يسقط الوصف وهو التقدير.

المسألة الرابعة عشر: عقل الجنين: ثبتَ عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، أنهُ قضى فيه بغرة عبدٍ أو وليدةٍ فقال الذي قضى عليه: كيف أُغرم من لا أكل ولا شربَ ولا نطقَ ولا استهل صرخاً ومثل ذلك بطل (١) أو يطل فقال له النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: (إن هذا من إخوان الكهان) (٢) وليس هذا بإنكار لصورة السجع فإنه جائز وإنما بيّنَ به النبي صلى الله عليه وسلم إبطال كل سجعٍ ينظم في معارضةٍ حق كما أنه يكره أن يتكلفَ ابتداءً في طريق الحق إلَّا أن يرد في مطرد القولِ (٣) وَكما قدروا الدية في الإبل كذلك قدروا الغرة في الجنين وذلك خمسون ديناراً أو هو عُشر دية أمه (٤) وخالفَ أبو حنيفة في مسألتين: إحداهما: أنه غاير في الغرة بين الذكرِ والأنثى وذلك ما لم يعلم وجهه أبداً، وقد بينا سرها في مسائلِ الخلافِ وهو غريب فلينظر فيه ولينقل من التلخيص.

والثانية: إذا قتلَ امرأةً وفي بطنها جنين هل يدخلُ الغرة في الدية أم لا؟ وقد بيناها في مسائل الخلاف.


(١) هذه رواية مالك في الموطأ ٢/ ٨٨٥ قال الحافظ بطل بفتح الموحدة والتخفيف من البطلان كذا رأيته في نسخة معتمدة من رواية أبي ذر وزعم عياض أنه وقع هنا للجميع بالموحدة قال وبالوجهين في الموطّأ وقد رجح الخطابي أنه من البطلان وأنكره ابن بطال فقال كذا يقوله أهل الحديث وإنما هو طل الدم إذا هدر قال الحافظ قلت وليس لإنكاره معنى بعد ثبوت الرواية وهو وجه راجح في معنى الرواية الأخرى. فتح الباري ١٠/ ٢١٨.
(٢) هذا الحديث رواه مالك في الموطأ ٢/ ٨٨٥ عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى في جنين قتل في بطنِ أمه بغرة عبد أو وليدة فقال الذي قضي عليه كيف أغرم ما لا شرب ولا أكل ولا نطق ولا استهل ومثل ذلك يطل فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (إنما هذا من إخوان الكهان) وهذا مرسل.
ورواه البخاري موصولًا من طريق ابن شهاب عن أبي سلمة عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى في امرأتين من هذيل اقتتلتا فرمت إحداهما الأخرى بحجر فأصاب بطنها وهي حامل .. البخاري في كتاب الطب باب الكهانة ٨/ ١٧٥ وقد رواه في الديات من طريق الليث عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - به مختصرًا. البخاري في الديات باب جنين المرأة ٩/ ١٤ ورواه مسلم في القسامة باب دية الجنين رقم (١٦٨١) (٣٦).
(٣) قال الحافظ استدل به على ذم السجع في الكلام ومحل الكراهة إذا كان ظاهر التكلف وكذا لو كان منسجمًا لكنه في إبطال حق أو تحقيق باطل فأما لو كان منسجمًا وهو في حق أو مباح فلا كراهة بل ربما كان في بعضه ما يستحب. فتح الباري ١٢/ ٢٥٢.
(٤) هذا القول عزاه البغوي لربيعة فإنه قال الغرة خمسون ديناراً أو ستمائة درهم عشرية دية الأم. شرح السنة ١٠/ ٢٠٨ وانظر البداية ٢/ ٤١٤ والمغني ٨/ ٤٠٤ وانظر نصب الراية ٤/ ٣٨٢ والروضة ٩/ ٣٧٧.

<<  <   >  >>