للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بحمد الله مِيسَم (١) الصحيح، (وأبدى عن الرغوة اللبن الصريح) (٢)، ثم نظروا بعد هذا التمييز العزيز والتصريح المريح نظرًا آخر فيما يقع لآفة البشرية من ثقاة الرواة من وهمٍ وغفلةٍ، فنقبوا عن أسبابها وهتكوا سجف (٣) حجابها، إلى أن وقفوا على سرها، ووقعوا على خبيئة أمرها؛ فأبانوا عللها (٤) وقيدوا مُهمَلها، وأقاموا محرَّفها، وعدلوا (٥) سقيمَها، وصححوا مُصَحَّفَها، وأبرزوا في كل ذلك تصانيفَ كثُرت صنوفها، وظهر شُفوفها، واتخذها العالمون قُدوة، ونصبها العاملون قِبلة، فجزاهم الله عن سعيهم الحميد أحسنَ ما جازى به أحبارَ ملَّةٍ وعلماءَ أمَّة، ثم كَلَّت بعدهم الهمم، وفترت الرغائب، وضعف المطلوب والطالب، وقلَّ القائم مقامهم في المشارق والمغارب، وصار جهد المبرَّز منهم في حَمل علم السنن نقل ما أثبت في كتابه، وأداء ما قيد (٦) فيه دون معرفةٍ لخطئه من صوابه، إلا آحادًا من مهرة العلماء، وجهابذة الفقهاء، وأفرادًا كدراري نجوم السماء، ولعمر الله، إن هذِه بعد لخطة أعطى صاحبُ الشريعة - صلى الله عليه وسلم - المتصفَ (٧) بها حظَّه


(١) أي: حسنه وجماله. "الصحاح" ٥/ ٢٠٥١.
(٢) في (ظ، د، أ): (وأبدى الرغوة عن الصريح).
(٣) في (د، ظ): (ستر).
(٤) ساقطة من (د).
(٥) في (د): (وعابوا)، وفي (أ، ظ): (وعانوا).
(٦) مكررة في (ظ).
(٧) في (أ): (المتضعف). وهو تحريف. وقد نبهنا في مقدمة التحقيق على أن النسخة (أ) كثيرة التحريف والسقط، وكان اعتمادنا عليها كنسخةٍ مساعدة فلم نعلق على تلك التحريفات؛ حتى لا نثقل الكتاب بما لا فائدة منه.

<<  <  ج: ص:  >  >>