للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقوله: "فَقَالَتْ الرَّحِمُ: مَهْ، هذا مَقَامُ العَائِذِ بِكَ" (١) هذا زجر ولكنه مصروف إلى المستعاذ منه وهو القاطع، لا إلى المستعاذ به سبحانه وتقدس. وقيل: هو في الحقيقة ضرب مَثَلٍ واستعارة؛ إذ الرحم معنًى وهو اتصال القربى بين أهل النسب في أم وأب، وإذا كان هكذا لم يحتج إلى تأويل (مَهْ).

و"الْمَاهِرُ بِالْقُرْآنِ" (٢) هو الحاذق به، يقال: مهر بالشيء مهارة: أحكمه.

قال القاضي: وأصله من السباحة (٣). مهر: سبح في الماء.

وقوله: "مَا أَمْهَرَهَا؟ " (٤) أي: ما جعل صداقها؟ والمهر: الصداق، يقال: مهرها وأمهرها، وأنكر أبو حاتم (أمهر) إلَّا في لغة ضعيفة، وصححها أبو زيد، وهذا الحديث دليل عليه.

قوله: "إِنَّمَا هُوَ لِلْمُهْلَةِ" (٥) رويناه بالفتح والكسر والضم، إلَّا أن رواية يحيى بالكسر، ورواية ابن أبي صفرة بالفتح. قال الأصمعي: بالفتح هو الصديد. وحكى الخليل فيه الكسر (٦). وقال ابن هشام بالضم، قال: وهو الصديد (٧)، ورواه أبو عبيد: "إِنَّمَا هُوَ لِلْمُهْلِ وَالتُّرَابِ" (٨)، وفسره


(١) البخاري (٤٨٣٠) من حديث أبي هريرة، وفيه: "فَأَخَذَتْ بِحَقْوِ الرَّحْمَنِ فَقَالَ لَهَا: مَهْ. قَالَتْ: هذا مَقَامُ العَائِذِ بِكَ مِنَ القَطِيعَةِ". وعليه فلا إشكال.
(٢) مسلم (٧٩٨) من حديث عائشة.
(٣) "المشارق" ١/ ٣٨٩.
(٤) البخاري (٩٤٧) من حديث أنس.
(٥) "الموطأ" ١/ ٢٢٤، والبخاري (١٣٨٧) من حديث عائشة.
(٦) انظر "العين" ٤/ ٥٧.
(٧) "السيرة النبوية" ١/ ٣٨٧.
(٨) "غريب الحديث" ٢/ ٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>