للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في حروفه؛ لما يؤول الاختلاف فيها بالمختلفين من رَدِّ بعضهم ما يقرؤه بعضٌ، وجحده له، مع أنه قرآن كله نزل على حروف سبعة، وقد كان ذلك وظهر في زمان الصحابة، أو لعله أراد الاختلاف في تأويله بالرأي والاجتهاد فيما لايسوغ في الاجتهاد؛ حتى يؤول ذلك بهم إلى الافتراق في العقائد، واختلاف المذاهب، كما كان ذلك عند ظهور المعتزلة والمرجئة والإباضية، وغيرهم من طوائف المبتدعة، ويحتمل عندي أن يكون هذا في زمانه؛ لكونه بين أظهرهم، وبحيث يمكنهم الرجوع إليه فيما أشكل عليهم منه.

قوله (١): "أَلِفَتْنَا نِعْمَتُكَ" (٢) يعني: وجدتنا وصادفتنا، كقوله سبحانه: {أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا} [البقرة: ١٧٠] وقال في موضع آخر: {وَجَدْنَا} [المائدة: ١٠٤] وفي الحديث في الدابة: "تَرْجِعُ إِلَي مَأْلَفِهَا" (٣) يعني: الموضع الذي ألفته؛ للوقوف فيه والراحة والعلف والمبيت، هو مفعل من أَلفْتُ الشيءَ آلَفُه إلفًا، وألِفْتُه أُولِفُه إيلافًا.

وقول سعد - رضي الله عنه -: "لَا آلُو بِهِم صَلَاةَ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - " (٤) أي: لا أُقَصِّرُ. ومثله قوله: "كِلَاهُمَا لَا يَأْلُو عَنِ الخَيْرِ" (٥) أي: لا يقصر في اجتهاده، يقال:


(١) في (س، أ) زيادة: (- صلى الله عليه وسلم -)، وهي زيادة لا محل لها؛ لأن ما بعدها من قول عروة بن الزبير كما في "الموطأ" وغيره.
(٢) "الموطأ" ٢/ ٩٣٤ - ٩٣٥ عن عروة بن الزبير.
(٣) البخاري (١٢١١) عن أبي بَرْزَةَ الأسلمي.
(٤) البخاري (٧٧٠) من حديث جابر بن سمرة، ولفظه: "لَا آلُو مَا اْقْتَدَيْتُ بِهِ مِنْ صَلَاةِ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - ".
(٥) مسلم (١٠٩٩) من حديث عائشة.

<<  <  ج: ص:  >  >>