للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ولا نجدُ في المصادر التي ترجمت لتمام ذكراً لشيء عن طفولته وصباه، والمعلومات السابقة قد استخلصتها من دراستي لكتابه الفوائد، ويحسنُ بي أن أُشيرَ -ولو على سبيل الاختصار- إلى طبيعة الظروف السيئة التي مرَّ بها العالم الِإسلامي في تلك الفترة التي عاصرها تمام، فأقول- وبالله التوفيق:

لقد أضحى سلطانُ الخلافةَ العباسية مقتصراً على بغداد، وكان الخليفة أُلعوبةً بيد بني بُويه الذين تولوا زِمام الأمور في العراق منذ سنة (٣٣٤)، وقد عاصر تمام خمسةً من الخلفاء العباسيين، وظهرت في المائة الرابعة: القرامطة -لعنهم الله- الذين عاثوا في الأرض فساداً، وظهر العُبيديون في المغرب ثم بسطوا نفوذهم على مصر سنة (٣٥٨)، وكانت حلب والموصل تحت حكم الحمدانيين الذين كانوا في صراعٍ مريرٍ مع الروم.

ونتيجة لذلك فقد تأثرت دمشق -بلدُ تمام- بهذه الصراعات المختلفة، فقد استولى الحسن بن أحمد القرمطي على الشام سنة (٣٥٧) واستناب على دمشق وشاحاً السُّلمي، لكن العُبيديين بقيادة جعفر بن فلاح استطاعوا احتلال دمشق سنة (٣٥٨) (١) ولم يدم ذلك طويلاً حيث استخلصها القُرمطي منهم سنة (٣٦٠)، وتضررت دمشق وأهلها من ذلك أيَّما ضرر، واحتدم الصراعُ بين القرامطة والعُبيديين، وتمكّن ظالم العُقيلي نائب العُبيديين

من استرجاع دمشق سنة (٣٦٣)، ثم دخلت الصراع قوة ثالثة وهم الترك بقيادة الفتكين التركي -أحدُ قادة العباسيين- الذي استطاع دخول دمشق في سنة (٣٦٤) ونشر فيها الأمنَ والعدلَ بعد سبع سنين عجاف، ودُعي فيها للخليفة العباسي (الطائع)، لكن تمكن العُبيديون من استرجاع دمشق مرةً أخرى سنة (٣٦٧). وفي سنة (٣٦٨) استطاع (قسّام) وجماعة من الأحداث أن يستقلوا


(١) انظر: تاريخ ابن الأثير (٧/ ٣١ - ٣٢)، حيث ذكر بعض الفظائع التي وقعت على يد العبيديين في دمشق.

<<  <  ج: ص:  >  >>