للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَإِنَّمَا هُوَ شَيْطَانٌ ".

٢٥٩ - (...) حدّثنا شَيْبَانُ بْنُ فَرُّوخَ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ، حَدَّثَنَا ابْنُ هِلَالٍ - يَعْنِى حُمَيْدًا - قَالَ: بَيْنَمَا أَنَا وَصَاحِبٌ لِى نَتَذَاكَرُ حَدِيثًا، إِذْ قَالَ أَبُوَ صَالِحٍ السَّمَّاَنُ: أَنَا أُحَدِّثُكَ مَا سَمِعْتُ منْ أَبى سَعِيدٍ، وَرَأَيْتُ مِنْهُ. قَالَ: بَيْنَمَا أَنَا مَعَ أَبِى سَعِيدٍ يُصَلِّى يَوْمَ الْجُمُعَةِ إِلَى شَىءٍ يَسْترُهُ مَنَ النَّاسِ، إِذْ جَاءَ رَجُلٌ شَابٌ مِنْ بَنِى أَبِى مُعِيطٍ. أَرَادَ أَنْ يَجْتَازَ بَيْنَ يَدَيْهِ فَدَفَعَ فِى نَحْرِهِ. فَنَظَرَ فَلَمْ يَجِدُ مُسَاغًا إِلا بَيْنَ يَدى أَبِى سَعِيدٍ. فَعَادَ، فَدَفَعَ فِى نَحْرِهِ أَشَدَّ مِنَ الدَّفْعَةِ الأُولَى، فَمَثَلِ قَائِمًا، فَنَالَ مِنْ أَبِى سَعِيدٍ. ثُمَّ زَاَحَمَ النَّاسَ، فَخَرَجَ، فَدَخَلَ عَلَىَ مَرْوانَ، فَشَكَا إِلَيْهِ مَا لَقِىَ. قَالَ: وَدَخَلَ أَبُو سَعِيدٍ عَلَى مَرْوَانَ، فَقَالَ لَهُ مَرْوَانُ: مَالَكَ وَلابْنِ أَخِيك؟ جَاءَ يَشْكُوكَ. فَقَالَ أَبُو سَعِيدٍ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: " إِذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ إِلَى شَىْء يَسْتُرُهُ منَ النَّاسِ، فَأَرَادَ أَحَدٌ أَنْ يَجْتَازَ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَلْيَدْفَعْ فِى نَحْرِهِ، فَإِنْ أَبى فَلْيُقَاتِلْهُ، فَإِنَّمَا هُوَ شَيْطانٌ ".

٢٦٠ - (٥٠٦) حدّثنى هَارُونُ بْنُ عَبْدِ اللهِ وَمُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ، قَالَا: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ

ــ

عن المرور، ويعنف عليه فى رده. قال أبو عمر: هذا اللفظ جاء على وجه التغليظ والمبالغة. وقال الباجى: يحتمل أن يكون بمعنى فليلعنه، فالمقاتلة بمعنى اللعن موجودة، قال الله تعالى: {قُتِلَ الْخَرَّاصُونَ} (١)، قال: ويحتمل أن يكون بمعنى فَلْيُعَنِّفه على فعله [ذلك] (٢) ويؤاخذه، وخرج من ذلك معنى المقاتلة المعلومة بالإجماع (٣).

وقوله: " فإنما هو شيطان " قيل: معناه: فإنما حمله على فعله ذلك وإبائه من الرجوع الشيطان، وقيل: فإنه يفعل فعل الشيطان، فإن معنى الشيطان بعيد من الخير، والائتمار للسنة، من قولهم: نوىٌ شطون، أى بعيدة، ومنه سمى الشيطان لبعده من رحمة الله، فسماه شيطانًا لاتصافه بوصفه كما يقال: فلان الأسد، أى يبطش ويقوى كبطشةُ الأسد وقوته، وقيل: المراد بالشيطان هنا قرين الإنسان اللازم له، كما قال فى الرواية الأخرى: " فإن معه القرين ويكون هذا من معنى قوله فى الحديث الآخر: " فإن الشيطان يحول بينكم وبينها "، فيكون على هذا يمنع الإنسان الجواز بين يدى المصلى من أجل الشيطان اللازم له لكونه خبيثًا نجسًا، ويكون الله تعالى يمنعه من التسلط على المشى


(١) الذاريات: ١٠.
(٢) ساقطة من الأصل، واستدركت بالهامش بسهم.
(٣) ومما يقوى هذا رواية عبد الرزاق عن أبى سعيد قال: قال النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " اردده، فإن أبى فجاهده " ٢/ ٢٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>