للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَكِيعٌ، حَدَّثَنَا طَلْحَةُ بْنُ يَحْيَى، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: سَمِعْتُهُ عَنْ عَائِشَةَ؛ قَالَتْ: كَانَ النَّبِىُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّى مِنَ اللَّيْلِ وَأَنَا إِلَى جَنْبِه، وَأَنَا حَائِضٌ، وَعَلَىَّ مِرْطٌ، وَعَلَيْهِ بَعْضُهُ إِلَى جَنْبِهِ.

ــ

جانب الرجل، وقوله: " أخِّروهن حيث أخرهن الله " (١) وكل هذا عندنا محمول على التحضيض والندب لا على الإيجاب، ولأنهم فرقوا بين الرجل والمرأة فى فساد صلاتهما، فأجازوا صلاتها هى، والنهى فيهما سواء والمعنى واحد.

وقولها: " فأكره أن أسنحه " معناه: أظهر له، كما جاء فى الرواية الأخرى: " فأكره أن أجلس فأوذيه "، يقال: سنح لى الشىء إذا أعترض لى، ومنه السانح من الطير وغيره فى العيافة عند العرب، ومنه جواز الصلاة فى شُعُرِ النساء وفُرشهن إذا لم تعلم فيها نجاسة، وفى حديث ميمونة جواز الصلاة إلى جنب الحائض، وقد تقدم معناه فى كتاب الطهارة، وإن جسدها وثوبها إذا لم تكن عليه نجاسة حكمها حكم الطهارة (٢).

وقوله: " يُسِّبح فيه ": أى يصلى سبحته وهى نافلة صلاته، وفيه أن ثوب المصلى إذا سقط طرفه على النجاسة الجافة لم يضر ذلك المصلى إذا لم يسجد هو على ذلك أو يقف أو يجلس أو تكون بين يديه فى سجوده أو أمامه فى مصلاه، وفيه دليل على أن الصلاة إلى النُوام والمستيقظين جائزة، وإنما النهى فى المرور خاصة، وكره عامة العلماء استقبال وجهه (٣).

وقوله: " يتحرى مكان المُصْحف " فيه جواز الصلاة إلى المصحف إذا كان مَوضِعُه، ولم يجعل هناك ليصلى إليه، ولم يكن تحرِّيه هنا لأجل المصحف، وإنما تحرى الموضع لصلاة النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فيه، وفيه جواز إيطان موضعٍ فى المسجد للرجل يلازمه، وللسلف فى ذلك خلاف، ويستحب ذلك للعالم والفتى ومن يحتاج إليه فيه ليعرف موضعه (٤).

وقوله عن النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " فرأيته يصلى على حصير يسجد عليه ": لا خلاف فى إباحة الصلاة على الحصر وأشباهها مما تنبته الأرض دون كراهة، ولا خلاف فى جواز الصلاة على غير ذلك من كل طاهر من الثياب والبسط واللبود مع أن غيرها من الأرض أو ما تنبته أفضل، إِلا أنه يكره ذلك لغير برد ولا حر، أو لطريق الترفه، هذا قول عامة العلماء، وأجاز ذلك بعض العلماء على الجملة كما أنه ما فعل من ذلك لطريق الرفاهة والترف أنه مكروه لأن الصلاة سرها التواضع والخضوع (٥).


(١) عبد الرزاق فى المصنف، ك الصلاة، ب شهود النساء الجماعة ٣/ ١٤٩. والكراهة فى هذا عندهم كراهة تحريمية.
قال الإمام الشافعى فى هذا الحديث: فإن كانت لا تقطع الصلاة وليست فيها لم تقطعها وهى فيها، وما تكون أبدًا خيرًا منها حين تصلى، ولا أقرب إلى الله. معرفة السنن ٣/ ٢٣٢.
(٢) فى ت: الطاهرة.
(٣) و (٤) سبقا فى باب دنو المصلى من السترة برقم (٢٦٣).
(٥) سيأتى فى باب الصلاة فى ثوب واحد برقم (٢٨٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>