للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١٤ - (...) حَدَّثَنِى سُوَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنِى حَفْصُ بْنُ مَيْسَرَةَ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، وَعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنِ ابُنِ عُمَرَ؛ قَالَ: بَيْنَمَا النَّاسُ فِى صَلاةِ الغَدَاةِ، إِذْ جَاءَهُمْ رَجُلٌ، بِمْثِلِ حَدِيثِ مَالِكٍ.

ــ

وكما اختلفوا هنا كذلك اختلفوا فى نقيضه، وهو نسخ القرآن بالسنة، فذهب الأكثر إلى جوازه عقلاً وسمعاً وأجازه بعضهم عقلاً (١) وقال: لم يوجد شرعاً، ومنعه بعضهم عقلاً (٢).

وفى هذه القصة دليل على صحة نسخ الأحكام وهو مما أجمع عليه كافة المسلمين إِلا طائفة من المبتدعة (٣) لا يعبأ بها لم تقل به، ووافقت القنَّائية من اليهود فيه (٤).

وقوله: " وقد أُمر أن يَستقبل القبلة فاستقبلوها " روى بفتح الباء على الخبر وبكسرها على الأمر، قال الطحاوى: وفى هذا دليل على أنه من لم يعلم بفرض الله ولم تبلغه الدعوة، ولا أمكنه استعلام ذلك من غيره، فالفرض غير لازم له، والحجة غير قائمة عليه، وقد اختلف العلماء فيمن أسلم فى دار الحرب أو أطراف بلاد الإسلام حيث لا يجد من يستعلمه عن شرائع الإسلام، ولا علم أن الله فرض شيئاً فيها، ثم علم بعد ذلك، هل يلزمه قضاء ما مر عليه من صيام أو صلاة لم يعلمها؟ فذهب مالك والشافعى وآخرون إلى إلزامه ذلك [وأنه قادر على الاستعلام والخروج إلى ذلك] (٥)، وذهب أبو حنيفة إلى أن ذلك يلزمه إن أمكنه من يستعلم ذلك منه فى بلاد المسلمين وبلاد الحرب فلم يستعلم وفرط، وإن كان لا يحضره من يستعلمه فلا شىء عليه، وكيف يكون لله فرض على من لم يعلم بفرضه؟ وقد قدمنا من هذا قبل، وأن تكليف الجاهل بالشىء يفعله مع جهله به محال؛ إذ لا يثبت حكم إِلا بدليل. وإذا لم يتمكن المكلف من التوصل إلى ما كلفه كان من تكليف المحال.

وفيه دليل على جواز تنبيه من ليس فى الصلاة لمن فى الصلاة وأن يفتح عليه، وفيه دليل على جواز الاجتهاد فى القبلة، ومراعاة السَّمْتِ لميلهم إلى جهة الكعبة لأول وهلة فى الصلاة قبل قطعهم على موضع عينها، ولا خلاف أن المطلوب عينها مع المشاهدة، وفيه جواز الاجتهاد بحضرته - عليه السلام - وهى مسألة اختلف فيها، وفيه دليل على وجوب


(١) لاشتراك السنة مع القرآن فى مسمى الوحى.
(٢) قطع بالمنع الإمام الشافعى وأكثر أصحابه. إحكام الأحكام ٣/ ٢١٧.
(٣) يعنى الرافضة. السابق.
(٤) منعوا من النسخ لخفاء الفرق بين البداء والنسخ عليهم. السابق.
(٥) سقط من الأصل، واستدرك فى الهامش بسهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>