للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِى السَّمَاءِ. قَالَ: " مَنْ أَنَا؟ " قَالتْ: أَنْتَ رَسُولُ اللهِ. قَال: " أَعْتِقْهَا، فَإِنَّهَا مُؤْمِنَةٌ ". (...) حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أَخْبَرَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ، حَدَّثَنَا الأَوْزَاعِىُّ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِى كَثِيرٍ، بِهَذَا الإِسْنَادِ، نَحْوَهُ.

٣٤ - (٥٣٨) حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ، وَزُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، وَابْنُ نُمَيْرٍ، وَأَبُو

ــ

عرشه (١) مع التمثيل بالآية الجامعة للتنزيه الكلى الذى لا يصح فى معقول سواه من قوله: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} (٢) عصمة لمن وفقه الله وهداه.

وقوله: " أعتقها فإنها مؤمنة ": فيه مع سؤال النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وبحثه عن حالها دليلٌ على أن عتق المؤمن أفضل وأولى من عتق الكافر ولا خلاف فى جواز عتق الكافر فى التطوع، وأنه لا يجزى فى كفارة القتل لنص الله تعالى فيها على {مُّؤْمِنَة} (٣). واختلف فى كفارة اليمين والظهار وتعمد الفطر فى رمضان (٤)، فمالك والشافعى وعامتهم لا يجزى فى ذلك عندهم إِلا مؤمنة لتقييد الله تعالى ذلك بالأيمان فى كفارة القتل، فيحمل المطلق على المقيد (٥)، ولأنَّه فى رواية مالك فى هذا الحديث: " وعلىَّ رقبةٌ " (٦) فقال: " أعتقها فإنها مؤمنة "، فدلَّ أن غير المؤمنة لا تجزى، وذهب الكوفيون إلى أن الإيمان لا يشترط إِلا فى القتل حيث نصَّ عليه.


(١) فى قوله تعالى: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} [طه: ٥].
(٢) الشورى: ١١.
(٣) فى قوله تعالى: {وَمَن قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَئًا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِه} [النساء: ٩٢].
(٤) كفارة الإفطار لا ذكر لها فى الكتاب العزيز، وإنما عرف وجوبها بالسنة، وهو فيما روى أن أعرابياً جاء إلى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وقال: يا رسول الله، هلكت وأهلكتُ، فقال له رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " ماذا صنعت؟ " فقال: واقعت امرأتى فى شهر رمضان متعمداً، فقال له النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أعتق رقبة " الحديث، وانظر: بدائع الصنائع ٦/ ٢٨٩٥.
(٥) لأن المطلق فى معنى المجمل، والمقيد فى معنى المفسَّر، والمجمل الذى لم تتضح دلالته يحملُ على المُفَسَّر، ويصير النصَّانِ فى معنى النص الواحد.
(٦) الموطأ رواية يحيى، ك العتق والولاء، ب ما يجوز فى العتق فى الرقاب الواجبة ٢/ ٧٧٦، وكذا رواية أبى مصعب (٢٧٣٠)، كلاهما عن عمر بن الحكم، وكذا رواه الشافعى فى الرسالة (٢٤٣) ثم قال: وهو معاوية بن الحكم، وكذلك رواه غير مالك، وأظن مالكاً لم يحفظ اسمه.
قال أبو عمر بن عبد البر: وهكذا رواه جماعة رواة الموطأ عن مالك كلهم قال فيه: " عن عمر بن الحكم " وهو غلطٌ، ووهم منه، وليس فى الصحابة رجلٌ يقال له: عمرُ بن الحكم، وإنما هو معاوية بن الحكم السلمى، والحديث له محفوظ، ويمكن أن يكون الغلط فى اسمه جاء من قبل هلال، شيخ مالك، لا من مالك. الاستذكار ٢٣/ ١٦٥، ١٦٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>