للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١٦٧ - (...) أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى التَّمِيمِىُّ، قَالَ: قَرَأْتُ عَلَى مَالِكٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ؛ أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ أَخَّرَ الصَّلاةَ يَوْمًا، فَدَخَلَ عَلَيْهِ عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ، فَأَخْبَرَهُ أَنَّ الْمُغِيرَةَ بْنَ شُعْبَةَ أَخَّرَ الصَّلاةَ يَوْمًا - وَهُوَ بِالْكُوفَةِ - فَدَخَلَ عَلَيْهِ أَبُو مَسْعُودٍ الأَنْصَارِىُّ، فَقَالَ: مَا هَذَا يَا مُغِيرَةُ؟ أَلَيْسَ قَدْ عَلِمْتَ أَنَّ جبْرِيلَ نَزَلَ فَصَلَّى، فَصَلَّى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ صَلَّى، فَصَلَّىَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ صَلَّى، فَصَلَّى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ صَلَّى، فَصَلَّى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ صَلَّى، فَصَلَّى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ قَالَ: بِهَذَا أُمِرْتُ. فَقَالَ عُمَرُ لِعُرْوَةَ: انْظُرْ مَا تُحَدَّثُ يَا عُرْوَةُ! أَوَ إِنَّ جِبْرِيلَ - عَلَيْهِ السَّلامُ - هُوَ أَقَامَ لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقْتَ الصَّلاةِ؟ فَقَالَ عُرْوَةُ: كَذَلِكَ كَانَ بَشِيرُ بْنُ أَبِى مَسْعُودٍ يُحَدِّثُ عَنْ أَبِيهِ.

ــ

جبريل له فى اليومين جميعًا ولا تكون واجبةً فى حقه حين صلاها مع جبريل، لم يكن فى الحديث تعلق فى هذا، وأما رواية من روى: " بهذا أُمِرْتُ " بالرفع، فهى حجةٌ على من يرى المأمور به هو الواجب (١)، فيقول: لا يخلو أن يكون جبريل أُمِر بتبليغ ذلك قولاً أو فعلاً أو خُيِّر فيما شاء منهما، فلا يقال: إنه أمر أن يبلغ قولاً فخالف، إذ لا يليق به ذلك، فإذا كان أُمر أن يبلغه فعلاً أَو خُيِّرَ فاختار الفعلَ صار بيانه واجبًا (٢)، وكان المؤتم به ائتم بمن وجبت عليه الصلاة وأما على رأى من يرى أن المأمور به ينطلق على غير الواجب، فيكون الجوابُ على ما قدَّمناهُ قبل هذا.

قال القاضى: وقد استدل بهذا الحديث - أيضاً - على جواز صلاة المُعلم بالمتعلم، وفى هذا الحديث دخول العلماء على الأمراء وقول الحق عندهم، وإنكار ما لا يجب فعله عليهم، وملاطفتهم فى الإنكار، وهذا حكم إنكار المنكر، قال الله تعالى: {فَقُولا لَهُ قَوْلاً لَّيِّنًا} (٣)؛ لأنه أقربُ إلى القبول، وقد تقدم هذا فى أول الكتاب، وفيه ما عرف من فعل السلف، فى قبول خبر الواحد والعمل به فى الديانات، وفيه الحجة بالمرسل عن الثقات لقول عروة فى حديث الليث: [أما علمت] (٤) أن جبريل نزل فصلى، وأما فى رواية مالك فأرسله عن أبى مسعود، ثم لما راجعه واستفهمه عنه عمر وقال له: اعلم ما تحدث به، حضًا على تثبيته فيه لا اتهاماً له، قوَّى حجته بإسناده الحديث وتسمية من حدثه (٥) به، فقال: " كذلك كان بشير بن أبى مسعود يحدِّث عن أبيه " ثم قواه بحديثه عن عائشة عن النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فى نازلتهم لأنها كانت صلاة العصر، وأثبت عليه الحجة عن النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ التى لا


(١) دون المندوب.
(٢) من حيث إن الفعل الواقع بياناً واجبٌ.
(٣) طه: ٤٤.
(٤) الذى فى المطبوعة: أليس قد علمت، وفى الأصل: أما، والمثبت من ت.
(٥) فى ت: حدَّث.

<<  <  ج: ص:  >  >>