للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْفَجْرُ، فَلَمَّا أَنْ كَانَ الْيَوْمُ الثَّانِى أَمَرَهُ فَأَبْرَدَ بِالظُّهْرِ، فَأَبْرَدَ بِهَا، فَأَنْعَمَ أَنْ يُبَرِدَ بِهَا، وَصَلَّى الْعَصْرَ وَالشَّمْسُ مُرْتَفِعَةٌ، أَخَّرَهَا فَوْقَ الَّذِى كَانَ، وَصَلَّى الْمَغْرِبَ قَبْلَ أَنْ يَغِيبَ الشَّفَقُ، وَصَلَّى الْعِشَاءَ بَعْدَ مَا ذَهَبَ ثُلُثُ الليْلِ، وَصَلَّى الْفَجْرَ فَأَسْفَرَ بِهَا. ثُمَّ قَالَ: " أَيْنَ السَّائِلُ عَنْ وَقْتِ الصَّلاةِ؟ ". فَقَالَ الرَّجُلُ: أَنَا يَا رَسُولَ اللهِ. قَالَ: " وَقْتُ صَلاتِكُمْ بَيْنَ مَا رَأَيْتُمْ ".

١٧٧ - (...) وحدثنى إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَرْعَرَةَ السَّامِىُّ، حَدَّثَنَا حَرَمِىُّ بْنُ عُمَارَةَ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ مَرْثَدٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ؛ أَنَّ رَجُلاً أَتَى النَّبِىَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فَسَأَلَهُ عَنْ مُوَاقِيتِ الصَّلاةِ؟ فَقَالَ: " اشْهَدْ مَعَنَا الصَّلاةَ " فَأَمَرَ بلالاً فَأَذنَ بِغَلَسٍ، فَصَلَّى الصُّبْحَ حِينَ طَلَعَ الْفَجْرُ. ثُمَّ أَمَرَهُ بِالظُّهْرِ حِينَ زَالتِ الشَّمْسُ عَنْ بَطْنِ السَّمَاءِ، ثُمَّ أَمَرَهُ بِالعَصْرِ وَالشَّمْسُ مُرْتَفِعَةٌ، ثُمَّ أَمَرَهُ بَالْمَغْرِبِ حِينَ وَجَبَتِ الشَّمْسُ، ثُمَّ

ــ

وأنه رأى البيان بالفعل له أبلغ وأشمل له ولغيره ممن يصلى معه من المسلمين، إذ القول لا يبلغ مبلغ الفعل، وإذ القول يسمعه البعض، والفعل يعلمه كل من صلى مع النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

قال الباجى: وليس هذا من تأخير البيان الذى تكلم شيوخنا فى جواز تأخيره عن وقت الخطاب بالعبادة إلى وقت الحاجة، وهو مذهب الباقلانى والجمهور، ومنعه الأبهرى وغيره؛ لأن الخطاب هنا بالصلاة وبيان أحكامها، وقد تقدم قبل هذا للسائل فلم يسأل إِلا عما ثبت بيانه، وعرف حكمه، ولا خلاف أن للنبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن يؤخر جواب السائل له عن وقت سؤاله وألا يجيبه أصلاً، وقد فعل ذلك فى مسائل كثيرة، ولا خلاف أنه لا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة إلى الفعل.

وتكلم الشيوخ فى وجه تأخيره - عليه السلام - مع جواز موته (١) قبل التعليم، فقيل: يحتمل أنه أوحى إليه بأن ذلك لا يكون، وقيل: هذا لا يلزم؛ لأن العادة غالباً فى مثل هذا، وظاهر الأمر حياته هذين اليومين، واستصحاب حال السلامة، وقد يقال: إن هذا سؤال لا يلزم [فى حق السائل] (٢)؛ لأنه إن اختُرم قبل علمه ما سأل عنه من دينه فلم يضره جهله به، إذ لم تأت عليه عبادة يحتاج إليها فيه لموته قبلها.

وقوله - عليه السلام -: " أين السائل؟ " تهمم منه بأمره.

وقوله: " ما بين هذين وقت " وفى الرواية الأخرى: " وقت صلاتكم بين ما رأيتم ": قصد للبيان له ولغيره من المسلمين، وحجة للتأويل المتقدم فى قصده بالبيان فى الفعل


(١) زيد بعدها فى ت: أو موت السائل، ولا وجه لها هنا، فإن القاضى يتناول احتمالها بعد قليل.
(٢) من ت.

<<  <  ج: ص:  >  >>