للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِى يُونُسُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ؛ قَالَ: حَدَّثَنِى أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ؛ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " اشْتَكَتِ النَّارُ إِلَى رَبِّهَا. فَقَالَتْ: يَارَبِّ أَكَلَ بَعْضِى بَعْضًا، فَأَذِنَ لَهَا بِنَفَسَيْنِ نَفَسٍ فِى الشِّتَاءِ وَنَفَسٍ فِى الصَّيْفِ، فَهُوَ أَشَدُّ مَا تَجِدُونَ مِنَ الْحَرِّ، وَأَشَدُّ مَا تَجِدُونَ مِنَ الزَّمْهَرِيرِ ".

١٨٦ - (...) وحدَّثنى إِسْحَاقُ بْنُ مُوسَى الأَنْصَارِىُّ، حَدَّثَنَا مَعْنُ، حَدَّثَنَا مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ يَزِيدَ مَوْلَى الأَسْوَدِ بْنِ سُفْيَانَ، عَنْ أَبِى سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَمُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ ثَوبانَ، عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " إِذَا كَانَ الْحَرُّ فَأَبْرِدُوا عَنِ الصَّلاةِ، فَإِنَّ شِدَّةَ الْحَرِّ مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ ". وَذَكَرَ: " أَنَّ النَّارَ اشْتَكَتْ إِلَى رَبِّهَا، فَأَذِنَ لَهَا

ــ

وحجتهم: " ما بين هذين وقت " فسوى. قيل: والفضل فى الصلاة لأول وقتها مبادرة أوامر الله، وخوف قواطع من الموت وغيره عن تحصيلها فى حسناته، إذ ركعةٌ من الصلاة خير من الدنيا وما فيها.

قال الإمام: وقوله: " فإن شدة الحر من فيح جهنم ": قال الليث: الفيح: سطوع الحر، يقال: فاحت القِدر تفيح إذا غلت.

وقوله: " من حر أو حرور " [قال الهروى] (١) الحرور: استيقاد الحر ووهجه بالليل والنهار، فأما السموم فلا يكون إِلا بالنهار.

قال القاضى: يحتمل أن أحد اللفظين من الحر أو الحرور هو الذى قاله - عليه السلام - فشك الراوى فى ذلك، ويحتمل أنه كرر اللفظين؛ لأن أحدهما أكثر من الآخر، وتكون - أو - للتقسيم، وكذلك قوله: " ما وجدتم من برد أو زمهرير والزمهرير: شدة البرد، قيل: أخبر أنها إذا تنفست فى الصيف قوَّى لهب تنفسها حر الشمس، وإذا تنفست فى الشتاء [قوَّى نفسها] (٢) شدَّة البرد إلى الأرض، فهو الزمهرير.

[و] (٣) أختلف فى معنى قوله: " اشتكت النار إلى ربها ... " الحديث، وقوله: " فإن شدة الحر من فيح جهنم "، فحمله بعضهم على ظاهره، وقال: شكواها حقيقة أن شدة الحر من وهج جهنم حقيقة على ما جاء فى الحديث، وأن الله أذن لها بنفسين؛ نفس فى الصيف، ونفس فى الشتاء، وذكر أنه أشد ما يوجد من الحر والبرد؛ وقيل: إنه كلام خرج مخرج التشبيه والتقريب، أى كأنه نار جهنم فى الحرِّ فاحذروه واجتنبوا ضرره،


(١) من ق.
(٢) فى الأصل: دفع حرَّها، والمثبت من ت.
(٣) من ت.

<<  <  ج: ص:  >  >>