للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَنِ ابْنِ سِيرِينَ؛ قَال: لمْ يَكُونُوا يَسْألونَ عَنِ الإِسْنَادِ. فَلمَّا وَقَعَتِ الفِتْنَةُ، قَالوا: سَمُّوا لنَا رِجَالكُمْ. فَيُنْظَرُ إِلى أَهْلِ السُّنَةِ فَيُؤُخَذُ حَدِيثُهُمْ، وَيُنْظَرُ إِلى أَهْلِ البِدَعِ فَلا يُؤْخَذُ حَدِيثُهُمْ.

ــ

الذى حدث عنه أولاً هو ابن سيرين (١) وهو المفسَّرُ فى حديث فضيل ومخلد (٢).

وقوله: " وينظر إلى أهل البدع (٣) فلا يؤخذ حديثهم " مع ما ذكره عن السلف والأئمة من مثل هذا، يؤيد ما قلناه فى ترك حديثهم، خلاف ما حكاه الغسَّانى من الاتفاق على قبوله إذا لم يكونوا دُعاةً ولا غلاة، وظهر صدقهم، وقد ذكرنا أن أبا عبد الله بن البيع ذكرهم فى القسم الخامس.

قال القاضى: وإلى قبول روايتهم وشهادتهم مال الشافعى، وقال مالك: لا يؤخذ الحديث عن صاحب هوى يدعو إلى هواه، فانظر اشتراطه الدعاء، هل هو ترخيص فى الأخذ عنه إذا لم يدْع، أو أن البدعة سبب لتُهمته أن يدعو الناس إلى هواه، أى لا تأخذوا عن ذى بدعة فإنه ممن يدعو إلى هواه؟ أو أن هواه يحمله أن يدعو إلى هواه فاتهمه (٤) لذلك، وهذا المعروف من مذهبه، وقد تأول الباجى أن معنى يدعو يظهرها ويحقق (٥) عليه، فأما من دعا فلم يُخْتَلف فى ترك حديثه، وقد ذمَّ مسلم بعد هذا الرواية عنهم.

وأما القاضى أبو بكر الباقلانى (٦) فى طائفة من المحققين من الأصوليين والفقهاء


(١) هو الإمامُ شيخ الإسلام، مولى أنس بن مالك، ولد لسنتين بقيتا من خلافة عمر. سمع أبا هريرة، وعمران بن حُصين، وابن عباس، وابن عمر، وخلقاً سواهم. روى عنه قتادة، وأيوب، وسعيد بن أبى عروبة، وخالد الحذَّاء، وجرير بن حازم. قال النضرُ بن شُمَيْل عن ابن عون: ثلاثة لم تر عيناى مثلهم، ابن سيرين بالعراق، والقاسم بن محمد بالحجاز، ورجاء بن حيوة بالشام، كأنَّهم التقوا فتواصوا.
مات سنة عثسر ومائة. سير ٤/ ٦٠٦.
والخبر أخرجه ابن سعد فى الطبقات ٧/ ١٩٤، وأبو نعيم فى الحلية ٢/ ٢٧٨.
(٢) ومِخْلد بن الحسين هو الإمام الكبير أبو محمد الأزدى، المهلبى، البصرى. حدَّث عن موسى بن عقبة، وهشام بن حسان، ويونس بن يزيد، والأوزاعى وعدَّة.
حدَّث عنه الحسن بن الربيع، وحجاج بن محمد، وموسى بن أيوب، وآخرون. قال فيه العجلى: هو ثقة، رجل صالح عاقل. وقال أبو داود: كان أعقل أهل زمانه توفى سنة إحدى وتسعين ومائة وقيل: سنة ست وتسعين. الطبقات الكبرى ٧/ ٤٨٩، الجرح والتعديل ٨/ ٣٤٧، تهذيب التهذيب ١٠/ ٧٢.
(٣) البدعة: هى الطريقة المخترعة التى ليس لها سند من كتاب أو سنة، أو ما استنبط منهما. الميزان بين السنة والبدعة: ٥، راجع. رسالة البدعة لشيخنا الدكتور عزت على، والبدعة والمصالح المرسلة لشيخنا الدكتور توفيق الواعى.
(٤) فى ت: ونتهمه.
(٥) فى ت: بحقق.
(٦) هو محمد بن الطيب المعروف بالباقلانى، البصرى، المتكلم، المشهور، كان على مذهب أبى الحسن الأشعرى، ومؤيداً اعتقاده، وناصراً طريقته انتهت إليه الرياسة فى مذهبه توفى سنة ثلاث وأربعمائة.
وفيات الأعيان ٤/ ٢٦٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>