للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٢٨١ - (...) حدّثنا عَاصِمُ بْنُ النَّضْرِ التَّمِيمِىُّ، حَدَّثَنَا مُعْتَمرٌ، قَالَ: سَمِعْتُ كَهْمَسًا يُحَدِّثُ عَنْ أَبِى نَضْرَةَ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ؛ قَالَ: أَرَادَ بَنُو سَلِمَةَ أَنْ يَتَحَوَّلُوا إِلَى قُرْبِ المَسْجِدِ. قَالَ: وَالبِقَاعُ خَالِيَةٌ فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِىَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: " يَا بَنِى سَلِمَةَ، دِيَارَكُمْ تُكْتَبْ آثَارُكُمْ ". فَقَالُوا: مَا كَانَ يَسُرُّنَا أَنَّا كُنَّا تَحَوَّلْنَا.

ــ

تعرى المدينة (١)، فهذه علة أخرى فى حضهم على المقام لئلا يخلو ما حول المدينة فتترك عراءً، وهو الفضاء من الأرض، قال الله تعالى: {فَنَبذْنَاهُ بِالْعَرَاء} (٢)، قيل: ذلك لئلا تخلو ناحيتهم من حُراسها والله أعلم (٣).

واختلف السلف على هذا فى التخطى إلى الأبعد عن الأقرب لكثرة الخُطى فروى عن أنس أنه كان يجاوز المساجد المحدثة إلى القديمة، وروى نحوه عن غيره، وروى عن إبراهيم أن النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " الأبعد فالأبعد من المسجد أعظم أجراً " (٤) وكره الحسن وغيره هذا، وقال: لا يدع مسجد قومه ويأتى غيره، وهو مذهبنا، وفى المذهب عندنا فى تخطى مسجده إلى الجامع الأعظم قولان (٥).


= جواب الأمر وبالرفع على الاستئناف، وأثر الشىء بقاء ما يدل على وجوده، والمراد بكتبها: كتبها فى صحائف الأعمال أو فى سير الصالحين لتكون سبباً فى اجتهاد الناس فى حضور الجماعة. انظر: الأبى ٢/ ٣٣٠.
(١) البخارى فى صحيحه، ك الأذان، ب احتساب الآثار ولفظه: " فكره رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن يُعروا منازلهم " ١/ ١٦٧.
(٢) الصافات: ١٤٥.
(٣) وعندى - والله أعلم - لئلا يكثر الناس بالعاصمة كثرة تؤدى إلى ما تعانيه عواصم العالم المتحضرة الآن.
فانظر كيف عالج الإسلام أمراض الحضارة وكيف عجزت دول العالم قاطبة على الوصول إلى شىء من رحمته.
(٤) البخارى فى صحيحه، ك الأذان، ب فضل صلاة الفجر فى جماعة عن أبى موسى، أبو داود فى السنن عن أبى هريرة، ك الصلاة، ب ما جاء فى فضل المشى إلى الصلاة، وكذا ابن ماجه فى المساجد، ب الأبعد فالأبعد من المسجد أعظم أجراً.
(٥) ومن كراهية الأنصارى شراء الحمار أخذ البعض أن فضيلة المشى إلى المساجد لا تثبت للراكب. انظر: الأبى ٢/ ٣٢٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>