للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

آخَرُ، حَتَّى اجْتَمَعْنَا فَكنَّا سَبْعَةَ رَكْبٍ. قَالَ: فَمَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الطَّرِيقِ، فَوَضَعَ رَأْسَهُ، ثُمَّ قَالَ: " احْفَظُوا عَلَيْنَا صَلاتَنَا ". فَكَانَ أَوَّلَ مَنِ اسْتَيْقَظَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالشَّمْسُ فِى ظَهْرِهِ. قَالَ: فَقُمْنَا فَزِعِينَ، ثُمَّ قَالَ: " ارْكَبُوا " فَرَكِبْنَا، فَسِرْنَا، حَتَّى إِذَا ارْتَفَعَتِ الشَّمْسُ نَزَلَ، ثُمَّ دَعَا بِمِيْضَأَةٍ كَانَتْ مَعِى فِيهَا شَىْءٌ مِنْ مَاءٍ. قَالَ: فَتَوَضَّأَ مِنْهَا وُضُوءًا دُونَ وُضُوءٍ. قَالَ: وَبَقى فِيهَا شَىْءٌ مِنْ مَاءٍ، ثُمَّ قَالَ لأَبِى قَتَادَةَ: " احْفَظَ عَلَيْنَا مِيْضَأَتَكَ. فَسَيَكُونُ لَهَا نَبأ " ثُمَّ أَذَّنَ بِلالٌ بِالصَّلاةِ، فَصَلَّى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ صَلَّى الغَدَاةَ فَصَنَعَ كَمَا كَانَ يَصْنَعُ كُلَّ يَوْمٍ. قَالَ: وَرَكبَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرَكِبْنَا مَعهُ. قَال: فَجَعَلَ بَعْضُنَا يَهْمِسُ إِلَى بَعْضٍ: مَا كفَّارَةُ مَا صَنَعْنَا بِتَفْرِيطِنَا فِى صَلاتِنَا؟ ثُمَّ قَال: " أَمَا لَكُمْ فِىَّ أُسْوَةٌ؟ " ثُمَّ قَالَ: " أَمَا إِنَّهُ لَيْسَ فِى النَّوْمِ تَفْرِيَط، إِنَّمَا التَّفْرِيطُ عَلَى مَنْ لَمْ يُصَلِّ الصَّلاةَ حَتَّى يَجِىءَ وَقْتُ الصَّلاةِ الأُخْرَى، فَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ فَليُصَلِّهَا حِينَ يَنْتَبِهُ لَهَا، فَإِذَا

ــ

وفيه من الفقه: النوم على الدابة، وفيه أن ساقى القوم آخرهم شرباً، كما قال - عليه السلام - فى هذا الحديث.

وقوله: " إنما التفريط على من لم يصل الصلاة حتى يجىء وقت الصلاة الأخرى، فمن فعل ذلك فليصلِّها حين ينتبه لها، فإذا كان الغد فليصلها عند وقتها ": [قال الخطابى: لا أعلم أحداً قال بهذا وجوباً، ويشبه أن يكون الأمر به استحباباً ليُحْرِزَ فضيلةَ الوقت] (١) فى القضاء ثانياً.

قال الإمام: يحتمل أن يكون - عليه السلام - لم يرد إعادة تلك الصلاة المنسية حتى يصليها مرتين، وإنما أراد أن هذه الصلاة وإن انتقل وقتها بالنسيان إلى وقت الذكر، فإنها باقية على وقتها فيما بعد مع الذكر، لئلا يظن ظان أن وقتها تغيَّر.

قال القاضى: قد جاء فى كتاب أبى داود وغيره: " من أدرك منكم صلاة الغداة من غدٍ فليقض معها مثلها " (٢). وهذا يدفع الاحتمال المتقدم، ويعضد توجيه الخطابى، ولكن يعارض هذا كله الحديث الآخر أنه لما صلاها بهم قالوا: ألا نقضها لوقتها من الغد؟ قال: " أينهاكم الله عن الربا ويقبله منكم " (٣)، وقد يحتج على داود بظاهر الحديث على قضاء الصلاة لمن تركها عامداً ومفرِّطاً، وهو أظهر فيه، لمساقه بإثر كلامه فى المُفَرِّط.


(١) سقط من الأصل، واستدرك فى الهامش بسهم.
(٢) أبو داود، ك الصلاة، ب من نام عن صلاة أو نسيها، وهو جزء حديث عن أبى قتادة، بلفظ: " فمن نام ... " ١/ ١٠٤.
(٣) جزء من حديث لأحمد فى المسند بلفظ: ألا نعيدها فى وقتها من الغد؟ قال: " أينهاكم ربكم تبارك وتعالى عن الربا ويقبله منكم " ٤/ ٤٤١ عن عمران بن حصين.

<<  <  ج: ص:  >  >>