للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

جمع وصلى الأولى فى آخر وقتها والثانية فى أول وقتها، وعليه مجمل قول مالك فى المدونة إذ لابد من نزول لصلاتهما وجمعهما، فكونه فى وقت يمكن أن يصليهما فيه فى وقتهما المختار أولى وهذا نص فعل ابن عمر، وقد قال: " صنعت مثل ما صنع النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "، وهى كانت سنة نازلة ابن عمر؛ لأنه قطع فى ليلته تلك مسيرة ثلاث، فلم يأخذ وقت صلاة فيهما وهو نازل فنزل لهما نزولاً واحداً، ويحمل ما جاء فى كتاب مسلم فى فعله هذا، وقول نافع بعد مغيب الشفق [فى الآخرة منهما لبيان الرواية الأولى من صلاته للمغرب قبل مغيب الشفق] (١).

وقوله فى رواية سالم [فى مسلم] (٢): " أخَّرَ المغرب حتى جمع بينها وبين العشاء " ولم يقل فى وقت العشاء، وكذلك حكم المغرب والعشاء فى هذه الأحوال، وهذا على مذهب من نظر الحِيطَة للوقت مع الأخذ بالرخصة، وأما غيره فأخذ بمجرد الرخصة ولم يتلفت إلى هذا، وقال أبو الفرج عن مالك: من أراد الجمع بين الصلاتين فى السفر جمع بينهما إن شاء فى آخر وقت الأولى، أو فى أول وقت الآخرة، وإن شاء أخر الأولى فصلاها فى آخر وقتها، وذلك لجواز الصلاة بعرفة والمزدلفة، وهذا قول الشافعى وجمهور العلماء. قال أبو الفرج: وهو أصل هذا الباب، فرأى من قال هذا أن فعل النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فى ذلك توسعة ورخصه، وأن تقديمه العصر بعرفة كتأخير المغرب بالمزدلفة، وكذلك اختلاف ذلك فى الجمع فى السفر، وقد اختلف العلماء فى الجمع للمسافر على ما تقدم، مع اتفاقهم على الجمع بعرفة ومزدلفة واتفاقهم على منع الجمع بين الصلوات التى لا اشتراك بينها (٣) من العصر والمغرب [والعشاء والصبح] (٤) والصبح والظهر، فرأى الجمع للمسافر بين الظهر والعصر والمغرب والعشاء جماعة السلف والشافعى وفقهاء أصحاب الحديث، وهو معروف مذهب مالك.

واختلف عنه مع القول بالجمع هل ذلك بمجرد السفر أو حتى يجد به السير، أو يخاف فوات أمر؟ وباشتراط جد السير قال الليث والثورى، وباشتراط العذر قال الأوزاعى، وبمجرد السفر قال جمهور السلف وعلماء الحجاز وفقهاء أصحاب الحديث والظاهر، وأنه يجمع أى وقت شاء من الأولى أو الآخرة، وأبى أبو حنيفة وحده الجمع للمسافر، وحكى كراهته عن الحسن وابن سيرين، وروى عن مالك مثله، وروى عنه كراهته للرجال دون النساء، قال أبو حنيفة: إلا أن للمسافر أن يؤخر الظهر إلى آخر وقتها فيصليها، ويؤخر قليلاً ثم يصلى العصر أول وقتها، فلا صلاة فى وقت أخرى تجوز لمسافِر ولا حاضرٍ إلا بعرفة ومزدلفة.

وأما ما ذكره مسلم من أحاديث الجمع فى غير السفر، فحديث ابن عباس وقال فيه: " جمع رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بين الظهر والعصر والمغرب والعشاء بالمدينة من غير خوف ولا سفر " وفى الأخرى: " ولا مطر كان ولا سفر " (٥).


(١) و (٢) سقط من س.
(٣) فى س بينهما.
(٤) سقط من س.
(٥) حديث فى غير خوف ولا سفر لفظه فى المطبوعة: صلى.

<<  <  ج: ص:  >  >>