للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

جاء عن أبى ذر، وإن كل أحد أخبر بما رأى وشاهد من ذلك دون ما لم يشاهد، ومن علم فعل النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ للجميع حدَّث به، كما جاء فى حديث مجاهد (١)، ومحمل من لم يصلها من السلف على ما تقدم إن لم يجعلها مشهورة مقصورة على ذلك العدد والمواظبة لئلا تُلحق بالفرائض. وقد روى فى إنكار ابن مسعود عنه نحو هذا (٢).

وقول ابن عمر: " إنها بدعة " أى ملازمتها وإظهارها فى المساجد، مما لم يكن بعد، لاسيما وقد روى عنه: " بدعة ونعمت البدعة " (٣) وروى عنه: " ما ابتدع المسلمون بدعة أفضل من صلاة الضحى " (٤) كما قال عمر فى صلاة التروايح (٥)، لا على أنها بِدْعة مخالفة للسنة، وكذلك روى عن ابن مسعود لما أنكرها على هذا الوجه، وقال: " إن كان لابد ففى بيوتكم، لِمَ تُحمِّلون عباد الله ما لم يُحمِّلهُم الله " كل ذلك خيفة أن يحسبها الجاهل من الفرائض، ولهذا ما رأى جماعة ممن رأى صلاتها فى بعض الأيام دون بعض ليخالف بينها وبين الفرائض (٦)، واحتجوا بما روى عن أبى سعيد أن النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يصليها حتى نقول: لا يدعها، ويدعها حتى نقول: لا يصليها (٧).

قال الإمام: وقول عائشة - رضى الله عنها -: " ما رأيت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يصلى سبحة الضحى [الحديث] (٨) [وقول النبى] (٩) فى قيام رمضان: " ما منعنى من الخروج إليكم إلا أنى خشيت أن تفرض عليكم " (١٠) الحديث مجمله أنه - عليه السلام - أوحى إليه بذلك وأعلمه الله أنه متى واظب على فعل مثل هذا فُرِض على أمته فأشفق - عليه السلام - على أمته، وكان عليه السلام - كما قال الله تعالى -: {بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ} (١١).


(١) لعله يعنى ما أخرجه عبد الرزاق عنه وسعيد بن جبير قالا: " من صلى الضحى ثمانى ركعات كتب من الأوابين " ٣/ ٨١.
(٢) يعنى بذلك ما أخرجه ابن أبى شيبة فى مصنفه بإسناده عنه قال: " عباد الله، لم تحملوا عباد الله ما لم يُحمِّلهم الله، إن كنتم لابد فاعلين ففى بيوتكم " ٢/ ٤٠٦، وانظر: المصنف لعبد الرزاق ٣/ ٨٠.
(٣) جاءت بهذا الإسناد فى ابن أبى شيبة دون قوله: " ونعمت البدعة " ٢/ ٤٠٦، وقد وهم الحافظ ابن حجر فى الفتح فنقلها هكذا بتمامها وعزاها لابن أبى شيبة ٣/ ٦٣، والرواية بتمامها فى ابن أبى شيبة من حديث الحكم بن الأعرج قال: " سألت محمداً " الحديث ٢/ ٤٠٥.
(٤) لم نقف عليه.
(٥) البخارى فى صحيحه، ك الصيام، ب فضل من قام رمضان ٣/ ٥٨.
(٦) راجع: المصنف لابن أبى شيبة ٢/ ٤٠٧، وعبد الرزاق ٣/ ٧٩. وفيها: كان ابن عباس يصليها اليوم ويدعها العشر.
(٧) الترمذى فى السنن، ك الصلاة، ب ما جاء فى صلاة الضحى (٤٧٧)، وأحمد فى المسند ٣/ ٢١.
(٨) من ع.
(٩) فى الأصل: مع قوله، والمثبت من ع.
(١٠) البخارى، ك الصيام، ب فضل من قام رمضان ٣/ ٥٩ بنحوه.
قال ابن عبد البر فى قول عائشة: " ما سبَّح رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُبْحَة الضحى قط ": إن من علم السنن علماً خاصاً يوجد عند بعض أهل العلم دون بعض وليس أحدٌ من الصحابة إلا وقد فاته من الحديث ما أحصاه غيره، والإحاطة ممتنعة، وإنما حصل المتأخرون على علم ذلك منذ صار العلم فى الكتب، لكنهم بذلك دخلت عليهم الدواخل فى حفظهم، فليسوا فى الحفظ كالمتقدمين، والله ينور بالعلم قلب من يشاء. التمهيد ٨/ ١٣٥.
(١١) التوبة: ١٢٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>