للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خَاصَمْتُ، وَإِلَيْكَ حَاكَمْتُ، فَاغْفِرْ لِى مَا قَدَّمْتُ وَأَخَّرْتُ، وَأَسْرَرْتُ وَأَعْلَنْتُ، أَنْتَ إِلَهِى لا إِلَهَ إِلا أَنْتَ ".

(...) حدّثنا عَمْرٌو النَّاقِدُ وَابْنُ نُمَيْرٍ وَابْنُ أَبِى عُمَرَ، قَالُوا: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ. ح وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، كِلاهُمَا عَنْ سُلَيْمَانَ الأَحْوَلِ، عَنْ طَاوُسٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ النَّبِىِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. أَمَّا حَدِيثُ ابْنِ جُرَيْجٍ فَاتَّفَقَ لَفْظُهُ مع حَدِيثِ مَالِكٍ، لَمْ يَخْتَلفَا إِلا فِى حَرْفَيْنِ. قَالَ: ابْنِ جُرَيْجٍ: مَكَانَ " قَيَّامُ " قَيِّمُ. وَقَالَ: وَمَا أَسْرَرْتُ. وَأَمَّا حَدِيثُ ابْنِ عُيَيْنَةَ فَفِيهِ بَعْضُ زِيَادَةٍ، وَيُخَالِفُ مَالِكًا وَابْنَ جُرَيْجٍ فِى أَحْرُفٍ.

(...) وحدّثنا شَيْبَانُ بْنُ فَرُّوخَ، حَدَّثَنَا مَهْدِىٌّ وَهُوَ ابْنُ مَيْمُونٍ - حَدَّثَنَا عِمْرَانُ القَصِيرُ، عَنْ قَيْسِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ طَاوُسٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ النَّبِىِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بِهَذَا الحَدِيثِ - وَاللَّفْظُ قَرِيبٌ مِنْ أَلْفَاظِهِمْ.

ــ

وقوله: " وبك خاصمت ": أى بما آتيتنى من الحجج والبراهين خاصمت من عاندك وكفر بك، وخاصم فيك بسيفٍ أو لسان.

وقوله: " وإليك حاكمت ": أى كل من أبى قبول الحق إليكَ أُحاكِمُهم بالحجج والسيف دون غيرك، ممن كان تحاكم إليه الجاهلية من الكهان والأصنام والنيران والشياطين لا أرضى إلا بحكمك ولا أتوكل إلا عليك كما قال تعالى: {رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ وَأَنتَ خَيْرُ الْفَاتِحِين} (١) و {أَنتَ تَحْكُمُ بَيْنَ عِبَادِكَ فِي مَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُون} (٢) وكما قال فى الحديث بعده ودعائه بهذه الآية نفسها.

وقوله: " فاغفر لى ما قدمت وما أخرت ": يحتمل فيما مضى، ويحتمل فيما مضى ويأتى، ودعاء النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بمثل هذا من المغفرة وشبهها مع إعلام الله تعالى أنه مغفور له، ومع ما قدمناه وصححناه من أصح القولين بعض من جميع الذنوب، على طريق الإشفاق والاعتراف والاستسلام وخوف المكر، إنه {فَلا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُون} (٣) ولتقتدى به أمته، ويشتد إشفاقهم بحسب حالهم من حاله ومقامهم من مقامه وقد بسطنا هذا الباب فى كتاب الشفاعة بما فيه كفاية.

وفى هذا وغيره - من الأحاديث التى ذكر مسلم - مواظبة النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على الذكر


(١) الأعراف: ٨٩.
(٢) الزمر: ٤٦.
(٣) الأعراف: ٩٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>