للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ؛ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا سَلَمَةَ يُحَدِّثُ عَنْ عَائِشَةَ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُئِلَ: أَىُّ العَمَلِ أَحَبُّ إِلَى اللهِ؟ قَالَ: " أَدْوَمُهُ وَإِنْ قَلَّ ".

٢١٧ - (٧٨٣) وحدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ وَإِسْحَاقُ بْنُ إبْرَاهِيَمَ، قَالَ زُهَيْرٌ: حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، قَالَ: سَأَلْتُ أُمَّ المُؤْمِنِينَ عَائِشَةَ قَالَ: قُلْتُ: يَا أُمَّ المُؤْمِنِينَ، كَيْفَ كَانَ عَمَلُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ هَلْ كَانَ يَخُصُّ شَيْئًا مِنَ الأَيَّامِ؟ قَالَتْ: لا، كَانَ عَمَلُهُ دِيمَةً، وَأَيُّكُمْ يَسْتَطِيعُ مَا كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَيَسْتَطِيعُ؟

٢١٨ - (...) وحدَّثنا ابْنُ نُمَيْرٍ، حَدَّثَنَا أَبِى، حَدَّثَنَا سَعْدُ بْنُ سَعِيدٍ، أَخْبَرَنِى القَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أَحَبُّ الأَعْمَالِ إِلَى اللهِ تَعَالَى أَدْوَمُهَا وَإِنْ قَلَّ ".

قَالَ: وَكَانَتْ عَائِشَةُ إِذَا عَمِلَتِ العَمَلَ لَزِمَتْهُ.

ــ

وقولها: " كان عمله دِيمةً " أى دائم غير منقطع، ومنه سمى المطر المتوالى ديمةً، يعنى أن ما عمل من خير لم يكن يقطعه، ويتركه بل يداوِمُ عليه، وقلنا: إن فضل ذلك للتخفيف فى العبادة، ولأن فى اتصال النية بالمداومة على عمله ما يربى على الإكثار من عمله مدة ثم يقطع، ولذلك ذكر مسلم الحديث: " كان آل محمد إذا عملوا عملاً أثبتوه " أى لازموه، وداموا عليه. والآل هنا أظهر فى القرابة، وآل البيت ألا تراه كيف حكاه بعد عن غائب. ويحتمل أن المراد به من يختص به من فضلاء أصحابه وأتباعه وقد يراد به النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نفسه، ويدل عليه قوله فى الحديث الآخر: " وكان النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا صلى صلاة أثبتها " (١).

والآل قد يقع على ذات الشىء، وعلى ما يضاف إليه، كما قال: " لقد أوتى مزماراً من مزامير آل داود " (٢) وكما جاء فى الحديث: " آل حم " (٣) وهذا (٤) نهى عن التكلف لما يشق لئلا يعجز عنه. فينقطع ثوابه وثواب النية فيه.

وقوله: " وكان يحتجزه (٥) بالليل ويبسطه بالنهار " يعنى الحصير، دليل على ما كان عليه من التقلل من الدنيا ومتاعها، وزهده صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.


(١) سيرد إن شاء الله فى هذا الكتاب، ب معرفة الركعتين اللتين كان يصليهما النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بعد العصر.
(٢) سيأتى إن شاء الله فى باب تحسين الصوت بالقرآن من هذا الكتاب.
(٣) من كلام ابن مسعود - رضى الله عنه -: " إذا وقعت فى " آل حم " فقد وقعت فى روضاتٍ أتانَّق فيهن ".
قال الحافظ ابن كثير: قال أبو عبيد: حدثنا الأشجعى، حدثنا مسْعر - هو ابن كدام - عمَّن حدَّثه؛ أن رجلاً رأى أبا الدرداء يبنى مسجداً، فقال له: ما هذا؟ فقال: أبنيه من أجل " آل حم " تفسير القرآن العظيم ٧/ ١١٦.
(٤) فى الأصل: ولهذا، والمثبت من س.
(٥) فى المطبوعة: يُحجِّره.

<<  <  ج: ص:  >  >>