للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(١١) باب فى قوله تعالى: {وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهُوًا انفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِمًا} (١)

٣٦ - (٨٦٣) وحدّثنا عُثْمَانُ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ وَإِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، كِلَاهُمَا عَنْ جَرِيرٍ، قَالَ عُثْمَانُ: حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ حُصَيْنٍ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِى الْجَعْدِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ؛ أَنَّ النَّبِىَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَخْطُبُ قَائِمًا يَوْمَ الْجُمُعَةِ، فَجَاءَتْ عِيرٌ مِنَ الشَّامِ فَانْفَتَلَ النَّاسُ إِلَيْهَا، حَتَّى لَمْ يَبْقَ إِلَّا اثْنَا عَشَرَ رَجُلاً، فَأنْزلَتْ هَذِهِ الآيَةُ الَّتِى فِى الْجُمُعَةِ: {وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهُوًا انفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِمًا}.

ــ

وقوله: " جاءت عير من الشام، فانفتل الناس إليها، حتى لم يبق إلا اثنا عشر رجلاً فيهم أبو بكر وعمر، فنزلت هذه الآية: {وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهُوًا انفَضُّوا إِلَيْهَا}. استدل بهذا الحديث أصحابنا على الشافعى فى اشتراطه أربعين رجلاً، هكذا قال جميع أصحاب حصين بن عبد الرحمن عن سالم بن أبى الجعد، وأبى سفيان عن جابر، وقد روى على ابن عاصم عن حصين بسنده هذا الحديث، وفيه: " لم يبق معه إلا أربعون رجلاً، وأنا فيهم، وتفرده، وخلافه للجماعة يرد روايته (٢).


(١) الجمعة: ١١.
(٢) لم يكن هذا الحديث الذى لم أقف عليه هو مستدل الإمام الشافعى فيما ذهب إليه. فقد جاء عنه فى الأم: وسمعتُ عدداً من أصحابنا يقولون: تجب الجمعة على أهل دار مقام إذا كانوا أربعين رجلاً، وكانوا أهل قرية، فقلنا به. الأم ١/ ١٩٠.
وقد عززه البيهقى بما ساقه بإسناده إلى عبد الرحمن بن كعب بن مالك قال: كنت قائد أبى حين ذهب بصره، فإذا خرجت به إلى الجمعة فسمع الأذان صلى على أبى أمامة أسعد بن زرارة واستغفر له، فقلت: يا أبه، أرأيت استغفارك لأبى أمامة كلما سمعت الأذان للجمعة ما هو؟ قال: أى بنى، كان أول من جمع بنا فى هزم النبت من حرة بنى بياضة فى نقيع يقال له الخضمات. قلت: كم كنتم يومئذ؟ قال: أربعون رجلاً. والحديث أخرجه أبو داود فى ك الصلاة، ب الجمعة فى القرى ١/ ٢٤٦، والحاكم فى المستدرك، وقال: صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه، ووافقه الذهبى ١/ ٢٨١، وكذا البيهقى فى السنن الكبرى وقال: هذا حديث حسن الإسناد وصحيح ٣/ ١٧٧، وردَّ على الزيلعى فى قوله فيه: إنه مردود؛ لأن مداره على ابن إسحاق، ولم يخرج له مسلم إلا متابعة، فقال: إن ابن إسحاق إذا ذكر سماعه وكان الراوى عنه ثقة استقام الإسناد.
قلت: ومع هذا لا ينهض الحديث أن يكون حجة ولا دليلاً؛ لأنه حكاية حال.

<<  <  ج: ص:  >  >>