للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فَلَمَّا رَأَى الْقَوْمُ بُكَاءَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَكَوْا. فَقَالَ: " أَلَا تَسْمَعُونَ؟ إِنَّ اللهَ لا يُعَذِّبُ بِدَمْعِ الْعَيْنِ، وَلَا بِحُزْنِ الْقَلْبِ، وَلَكِنْ يُعَذِّبُ بِهَذَا - وَأَشَارَ إِلى لِسَانِهِ - أَوْ يَرْحَمُ ".

ــ

أهله "، وغيره يحمله على أن غشْية وغشِيَّة بمعنىً، وأنه من غشاوة الموت، واستدل بقوله فى الأم: " فقال: أقد قضى؟ " أى مات، " قالوا: لا ". قال لى الحافظ أبو الحسن: لا فرق بين غِشْية وغشِيَّة، وهما واحد، يريد من الغشاوة، وقال الخطابى: " فى غاشية " يحتمل وجهين منْ يغشاه من الناس أو ما يغشاه من الكرب (١).

وفيه زيارة الأئمة وأهل الفضل المرضى، وحضه على ذلك أصحابه، بقوله: " من يعوده منكم؟ "، وفيه السؤال للحاضرين عن أحوالهم، وكذلك إذا كانوا فى شدة، ولا يكلَّفون هم من ذلك ما عساه يشق من الجواب عليهم، وفيه حضور الناس عند من احتضر، وهو مما يتعيَّن على كافتهم، وبخاصة لآله وقرابته، وقد ترك ابن عمر صلاة الجمعة حين دُعى لاحتضار سعيد بن زيد (٢)، لشدة حاجة الميت حينئذ إلى من ينظر منه، ويرفق به، ويقوم عليه.

وفيه أن للرجل حقًّا فى مثل هذا، وأَنَّه من جاء لعيادةٍ أو قضاء حاجة عند كبير، ثم جاء غيرَهُ وقد ضاق المجلس عند الداخل، أن ينصرف الأولُ أو يفسح له عن قرب المزور حتى يقضى إربه منه.


(١) أعلام الحديث ١/ ٦٩٠. ولفظه فيه: أحدُهما: أن يكون أراد القوم الذين كانوا حضروا عنده الذين هم غاشيته، والوجه الآخر: أن يكون معنى ذلك ما يتغشاه من كرب الوجع الذى به، فخاف أن يكون قد هلك.
(٢) أخرجه البخارى فى ك المغازى، ب فضل من شهد بدراً عن نافع، ولفظه فيه: " أن ابن عمر - رضى الله عنهما - ذكر له أن سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل - وكان بدريًّا - مرض فى يوم جمعة، فركِب إليه بعد أن تعالى النهارُ واقتربت الجمعة، وترك الجمعة " ٥/ ٩٩، كما أخرجه عبد الرزاق فى المصنف من حديثه أيضاً بلفظ: " أن ابن عمر استصْرِخ على سعيد بن زيد يوم الجمعة بعدما ارتفع الضحى، فأتاه ابن عمر بالعقيق " ٣/ ٢٤٠، ومن حديث إسماعيل بن عبد الرحمن: " أن ابن عمر دعى إلى سعيد بن زيد وهو يموت، وابن عمر يستجمر قائماً للجمعة، فذهب إليه، وترك الجمعة " السابق.

<<  <  ج: ص:  >  >>