للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ: " لَتُخْبِرِينِى أَوْ لَيُخْبِرَنِّى اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ ". قَالَتْ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، بِأَبِى أَنْتَ وَأُمِّى، فَأَخْبَرْتُهُ. قَالَ: فَأَنْتِ السَّوَادُ الَّذِى رَأَيْتُ أَمَامِى؟ " قُلْتُ: نَعَمْ. فَلَهَدَنِى فِى صَدْرِى لَهْدَةً أَوْجَعَتْنِى. ثُمَّ قَالَ: " أَظَنَنْتِ أَنْ يَحِيفَ اللهُ عَلَيْكِ وَرَسُولُهُ؟ ". قَالَتْ: مَهْمَا يَكْتُمِ النَّاسُ يَعْلَمْهُ اللهُ. نَعَمْ. قَالَ: " فَإِنَّ جِبْرِيلَ أَتَانِى حِينَ رَأَيْتِ، فَنَادَانِى، فَأَخْفَاهُ مِنْكِ، فَأَجَبْتُهُ، فَأَخْفَيْتُهُ مِنْكِ، وَلَمْ يَكُنْ يَدْخُلُ عَلَيْكِ وَقَدْ وَضَعْتِ ثِيَابَكِ، وَظَنَنْتُ أَنْ قَدْ رَقَدْتِ، فَكَرِهْتُ أَنْ أُوقِظَكِ. وَخَشِيتُ أَنْ تَسْتَوْحِشِى. فَقَالَ: إِنَّ رَبَّكَ يَأْمُرُكَ أَنْ تَأتِى أَهْلَ الْبَقِيعِ فَتَسْتَغْفِرَ لَهُمْ ". قَالَتْ: قُلْتُ: كَيفَ أَقُولُ لَهُمْ يَا رَسُولَ اللهِ؟. قَالَ: " قُولِى: السَّلَامُ عَلَى أَهْلِ الدِّيَارِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُسْلِمِينَ، وَيَرْحَمُ اللهُ الْمُسْتَقْدِمِينَ مِنَّا وَالْمُسْتَأخِرِينَ، وَإِنَّا إِنْ شَاءَ اللهُ بِكُمْ لَلاحِقُونَ ".

ــ

وقولها (١) فى الباب: " ثم أجافه ": أى أغلقه.

وفعله ذلك - عليه السلام - لئلا تعلم بخروجه عنها وبقائها فى الليل وحدها فيدركها ذعرٌ وتوحش، كما فسر ذلك داخل الحديث (٢)، وخروجها خلفه، والظاهر من معنى الحديث أنها اتهمته أنه سار إلى بعض أزواجه بدليل [لهذه] (٣) لها فى صدرها. وهو الضرب فيه.

وقوله: " أخفت أن يحيف الله عليك ورسوله؟ ": أى يجور، ولا يصح مع هذا أن يتأول عليها غير هذا الوجه من تعلم أو استفتاء على ما أشار إليه بعضهم، إذ لا يقتضيه لفظ الحديث.

وإتباعها لأثره ليس من التجسس لانه كان فى موضع مباح غير محجور ولا مستتر فيه.

وقولها: " فهرول فهرولت فأحضر فأحضرت ": الإحضار: الجرى، وهو أشد من الهرولة.

وقوله: " مالك يا عائشة [حَشْيَا رَابيةً] (٤) قال الإمام: قال الهروى: أى مالك قد وقع [عليك] (٥) الربو، وهو الحشا، أى البهر، يقال منه: امرأة حَشْيَاءُ وحَشِيَّة، ورجل حَشْيَان وَحشٍ.

قال القاضى: وقولها فى جوابه: " لأى شىء " كذا رويناه عن الأسدى، ورويناه عن الصدفى عن العذرى " لأبى شىء " بباء واحدة ورفع شىء، وفى بعض الروايات: " لا شىء "، وهو الصواب إن شاء الله.

وفى تعليمه لعائشة ما تدعو به لأهل القبور، وتعليمه ذلك للناس ما يجب امتثاله


(١) فى س: وقوله، والمثبت من الأصل.
(٢) من قوله - عليه السلام -: " وخشيت أن تستوحشى ".
(٣) فى س: لهذه، والمثبت من الأصل والأبى.
(٤) سقط من س.
(٥) ليست فى ع المخطوطة، والمثبت من الأصل، س و، ع المطبوعة. مع تقديم " الربو ".

<<  <  ج: ص:  >  >>