للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

٢ - (...) وحدّثنا مُحَمَّدُ بْنُ رُمْحِ بْنِ الْمُهَاجِرِ، أَخْبَرَنَا اللَّيْثُ. ح وَحَدَّثَنِى عَمْرٌو النَّاقِدُ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ إِدْرِيسَ، كِلاهُمَا عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ يَحْيَى، بِهَذَا الإِسْنَادِ، مِثْلَهُ.

ــ

ومنه قوله عليه السلام: " الصدقة برهان " (١)، وقيل: لأنها تزكى المال وتطهره، إذ لو لم يخرج منه أخبثته وأبقت فيه أوساخَه.

وأما تسميتها: صدقة، فمن الصدق؛ إذ هى دليل على صحة إيمانه، وصدق باطنه فيه مع ظاهره، وقد فسرنا هذا فى أول الطهارة، فى قوله: " الصدقة برهان " بأتمِّ من هذا، وقد تسمى بذلك لتصديق صاحبها أمر الله بإخراجها، وسماها الشرع - أيضًا - حقًّا فقال: {وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِه} (٢) ونفقة بقوله: {وَلا يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّه} (٣) وعفواً بقوله: {خُذِ الْعَفْو} (٤).

وبين السلفُ، وأهلُ التفسير اختلاف فى مراده تعالى بهذه الكلمة، وهو أعلم.

قال الإمام: وقد أفهم الشرع أنها شرعت للمواساة، وأن المواساة إنما تكون فيما له بال من الأموال؛ فلهذا حد النصب (٥)، وكأنه لم ير فيما دونها محملاً لذلك، ثم وضعها فى الأموال النامية العين، والحرث، والماشية. فمن ذلك ما ينمى بنفسه كالماشية والحرث، ومنها ما ينمى بتغيير عينه وتقليبه كالعين، والإجماع على تعلق الزكاة بأعيان هذه المسميات.

وأما تعلق الزكاة [بما] (٦) سواها من العروض، ففيها للفقهاء ثلاثة أقوال: فأبو حنيفة يوجبها على الإطلاق، وداود يسقطها، ومالك يوجبها على المدين على شروط معلومة من مذهبه، يحتج لأبى حنيفة بعموم قوله تعالى: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَة} (٧)، ولداود بقوله - عليه السلام -: " ليس على المسلم فى عبده ولا فرسه صدقة " (٨)، وفهم هاهنا أن ذلك لأجل كون ذلك خارجاً عن تلك الأموال لأجل أنه يقتنى (٩)، فأما مالك


(١) سبق فى ك الطهارة، ب فضل الوضوء، وفى الترمذى، ك الدعوات ٥/ ٥٣٥.
(٢) الأنعام: ١٤١.
(٣) التوبة: ٣٤.
(٤) الأعراف: ١٩٩.
(٥) فى س الأنصاب.
(٦) من س.
(٧) التوبة: ١٠٣.
(٨) سيأتى فى باب لا زكاة على المسلم في عبده وفرسه برقم (٨).
(٩) فى ع: مقتنى، والمثبت من الأصل، س.

<<  <  ج: ص:  >  >>