للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[(٤٤) باب إعطاء من سأل بفحش وغلظة]

١٢٧ - (١٠٥٦) حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ، وَزُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، وَإِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الحَنْظَلِىُّ - قَالَ إِسْحَاقُ: أَخْبَرَنَا. وَقَالَ الآخَرَانِ: حَدَّثَنَا جَرِيرٌ - عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِى وَائِلٍ، عَنْ سَلْمَانَ بْنِ رَبِيعَةَ، قَالَ: قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ - رَضِىَ اللهُ عَنْهُ -: قَسَمَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَسْمًا. فَقُلْتُ: وَاللهِ، يَا رَسُولَ اللهِ، لغَيْرُ هَؤُلاءَ كَانَ أَحَقَّ بِهِ منْهُمْ. قَالَ: " إِنَّهُمْ خَيَّرُونِى أَنْ يَسْأَلونِى بِالفُحْشِ أَوْ يُبَخِّلونِى، فَلسْتُ بِبَاخِلٍ ".

١٢٨ - (١٠٥٧) حَدَّثَنِى عَمْرٌو النَّاقِدُ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ سُليْمَانَ الرَّازِىُّ، قَالَ: سَمِعْتُ مَالِكًا. ح وَحَدَّثَنِى يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الأَعْلى - وَاللفْظُ لَهُ - أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ وَهْبٍ، حَدَّثَنِى مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِى طَلْحَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ؛ قَالَ: كُنْتُ أَمْشِى مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَعَليْهِ رِدَاءٌ نَجْرَانِىٌّ غَلِيظُ الحَاشِيَةِ، فَأَدْرَكَهُ أَعْرَابِىُّ، فَجَبَذَهُ بِرِدَائِهِ جَبْذَةً شَدِيدَةً، نَظَرْتُ إِلى صَفْحَةِ عُنُقِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ أثَّرَتْ بِهَا حَاشِيَةُ

ــ

وقوله حين قسم قسماً: فقال له عمر: [غير هؤلاء] (١) كان أحق به فقال: " إنهم خيرونى بين أن يسألونى بالفحش أو يبخلونى، فلست بباخل ": معناه: أنه اشتطوا (٢) عليه فى المسألة، التى تقتضى إن أجابهم إليها حابهم، وإن منعهم آذوه وبخلوه، فاختار - عليه السلام - إعطاءهم، إذ ليس البخلُ من طباعه، ومداراة لهم وتآلفاً كما قال - عليه السلام -: " إن من شر الناس من اتقاه الناس لشره " (٣)، كما أمر بإعطائه المؤلفة قلوبهم.

وضحك النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ للأعرابى، الذى جبذه بردائه حتى أثر فى عنقه، وانشق البرد، وقال له: " مر لى يا محمد من مال الله الذى عندك "، وإعطاؤه إياه من هذا. وفيه ما كان عليه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من الصبر والحلم والخلق العظيم والإغضاء عن الجاهلين والإعراض عنهم كما أدبه الله به، ومعنى حتى رجع النبى - عليه السلام - فى نحر الأعرابى أن جبذته، ضمته إليه.


(١) فى س: غيرها.
(٢) الشطط: مجاوزة القدر فى بيع أو طلب أو احتكام أو غير ذلك، من كل شىء مشتق منه، وشط فى كذا: جاوز القدر وتباعد من الحق وجار عليه فى قضيته، وقيل: جرت. اللسان: مادة " شطط ".
(٣) الموطأ، ك حسن الخلق، ب ما جاء فى حسن الخلق بلفظه عن عائشة ٢/ ٩٠٤. وبقرب لفظه البخارى ك الأدب، ب لم يكن النبى فاحشاً ولا متفحشاً، عن عائشة بلفظ: " إن شر الناس عند الله منزلة يوم القيامة من تركه الناس اتقاء شره " ٨/ ١٥، ١٦، مسلم فى ك البر والصلة والآداب، ب مداراة من يتقى فحشه، بلفظ البخارى رقم (٢٥٩١)، أبو داود، ك الأدب، ب حسن العشرة ٢/ ٥٥١.

<<  <  ج: ص:  >  >>