للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَخْبَرَهُ؛ أَنَّ عَبَّادَ بْنَ عَبْدِ اللهِ بْنِ الزُّبَيْرِ حَدَّثَهُ؛ أَنَّهُ سَمِعَ عَائِشَةَ - رَضِىَ اللهُ عَنْهَا - تَقُولُ: أَتَى رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَ الحَدِيثَ.

وَلَيْسَ فِى أَوَّلِ الحَدِيثِ: " تَصَدَّقْ، تَصَدَّقْ "، وَلا قَوْلهُ: نَهَارًا.

ــ

السلام - وهو محتاج جاز له أكلها وأهله لحاجته، وقيل: يحتمل أنه لما كان لغيره أن يكفر عنه كان لغيره أن يتصدق عليه عند الحاجة بتلك الكفارة. وقد ترجم البخارى عليه: إذا أطعم المجامع أهله فى رمضان من الكفارة وهم محاويج (١). قال غيره: وهذا سائغ إذا عجز عن نفقتهم إذ لا يلزمه لهم نفقةٌ فكانوا لغيرهم. قال بعضهم أيضاً: ولأن فى أكله منها إذا كان محتاجاً إحياء رمَقِهِ فجاز له، وفيما قاله نظر. وقيل: بل أطعمه إياه لفقره، وأبقى الكفارة عليه متى أيسر، وهذا تحقيق مذهب كافة أئمة العلماء، وذهب الأوزاعى وأحمد إلى أن حكم من لم يجد الكفارة، فمن لزمته من سائر الناس سقوطها عنه مثل هذا الرجل (٢).

وقوله: " هل تستطيع كذا "، قال الإمام: هكذا جاء على الترتيب، فذهب بعض الفقهاء إلى الأخذ بظاهر هذا، ورأوا أن استفهامه على هذا الترتيب يوجب ترتيب الإيجاب فى الكفارة على حسب ما وقع فى السؤال، ويكون ذلك كالكفارة فى الظهار، وذهب بعضهم إلى التخيير لما ذكر بعد هذا فى طريق آخر قال: أمر رجلاً أفطر فى رمضان أن يعتق، أو يصوم أو يطعم، ولفظة " أو " تقتضى التخيير.

قال القاضى: ليس فى قوله: " هل تستطيع؟ " دليل على الترتيب كما ظهر للمخالف، ولا هو ظاهر فى ذلك، ولا نص، وهذه الصورة فى السؤال تصح فى الترتيب وغير الترتيب، وإنما يقتفى ظاهر اللفظ البداية بالأولى، وهو محتمل التخيير وبهذا نقول وبالترتيب فى كفارة رمضان كترتيب الظهار.

قال الشافعى والكوفيون (٣): وبذلك قال ابن حبيب من أصحابنا، وذهب مالك وأصحابه إلى التخيير فى ذلك، إلا أنه استحب الإطعام (٤)، وعلى هذا نتأول قوله فى المدونة خلاف من ذهب إلى غير هذا فى تأويله، وهو المنصوص له فى غيرها، واستحباب البداية بالإطعام لذكر الله له فى القرآن، وإن كان نسخ رخصة للقادر، ففضلهُ بالذكر والتعيين له غير منسوخ لاختيار الله له فى حكمه، وكذلك بقاء حكمه للمفرط فى قضائه، وفى العاجز، وذى العذر، على ما سنذكره بعد هذا، ولشمول نفعه فى المساكين، ولأن


(١) البخارى، ك الصيام، ب المجامع فى رمضان، هل يطعم أهله من الكفارة إذا كانوا محاويج ٣/ ٤٢.
(٢) الاستذكار ١/ ١٠٦.
(٣) الاستذكار ١٠/ ٩٨.
(٤) الاستذكار ١٠/ ٩٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>