للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِى آخِرِ الْحَدِيثِ: وَتَرَكَ عَاشُورَاءَ، فَمَنْ شَاءَ صَامَهُ وَمَنْ شَاءَ تَرَكَهُ، وَلَمْ يَجْعَلهُ مِنْ قَوْلِ النَّبِىِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كَرِوَايَةِ جَرِيرٍ.

(...) حدَّثنى عَمْرٌو النَّاقِدُ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ الزُّهْرِىِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ - رَضِىَ اللهُ عَنْهَا - أَنَّ يَوْمَ عَاشُورَاءَ كَانَ يُصَامُ فِى الْجَاهِلِيَّةِ، فَلَمَّا جَاءَ الإِسْلَامُ، مَنْ شَاءَ صَامَهُ وَمَنْ شَاءَ تَرَكَهُ.

١١٥ - (...) حدّثنا حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى، أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِى يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، أَخْبَرَنِى عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ؛ أَنَّ عَائِشَةَ - رَضِىَ اللهُ عَنْهَا - قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

ــ

ألفاظ العبادات واردة فى الشرع على ما عهده أهل اللغة. خلافاً لجماهير المتكلمين من الموافقين والمخالفين، إذ كانوا يصومون ويعرفون الصوم، ويحجون ويعرفون الحج، فخاطبهم الشرع بما علموه تحقيقًا، لا أنه أتاهُم بألفاظ مؤتنقة ابتدعها لهم كما قاله المخالف، أو بألفاظ لغوية لا يعلم منها المقصود إلا رمزًا كما أشار إليه المؤلف، وهناك بَسْطُها، وكشف الغطاء عن الحق فيها. واختلف العلماء فى صيام عاشوراء، فقيل: كان فرضًا فنسخ برمضان على ظاهر لفظ الحديث، وقيل: لم يكن فرضًا ولكنه كان مرغبًا فيه، فخفف أمره وحَصَل التخيير فى صيامه بعد ذلك، وروى عن بعض السلف (١) أن فرضه باق لم ينسخ، وقد انقرض (٢) القائلون بهذا وحصل الإجماع (٣) على خلافه. وروى عن


(١) ذكر مالك معلقًا أنه بلغه: أن عمر بن الخطاب أرسل إلى الحارث بن هشام أن غدًا يوم عاشوراء فصم، وأمر أهلك أن يصوموا. الموطأ ١/ ٢٩٩.
وروى عبد الرزاق عن عمر أيضاً: أنه أرسل إلى عبد الرحمن بن الحارث ليلة عاشوراء: أن تسحر واصبح صائمًا، قال: فأصبح عبد الرحمن صائمًا. عبد الرزاق ٤/ ٢٨٧. وكذا ابن أبى شيبة ٣/ ٥٦. وقال ابن عبد البر: هذا حديث متصل، وهو عندى أصح من بلاغ مالك. الاستذكار ١٠/ ١٣٥.
وكذا عن على كما جاء فى مصنف ابن أبى شيبة: أن على بن أبى طالب كان يأمر بصوم يوم عاشوراء. وذكر عن الأسود قال: ما رأيت أحدًا أمر بصوم يوم عاشوراء من على بن أبى طالب وأبى موسى ٣/ ٥٦.
وجاء عن عبد الرزاق: أن ابن عباس يقول فى يوم عاشوراء: خالفوا اليهود، وصوموا التاسع والعاشر ٤/ ٢٨٧.
وأخرج أبو داود فى الصوم عن محمد: أن أسلم أتت النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يوم عاشوراء فقال: " صمتم يومكم هذا؟ " قالوا: لا. قال: " فأتموا بقية يومكم واقضوه " ١/ ٥٧٠.
والبيهقى فى معرفة السنن والآثار، وقال: صحيح ٦/ ٩٠٠٢.
(٢) فى س: انفرض.
(٣) قال أبو عمر: لا يختلف العلماء أن يوم عاشوراء ليس بفرض صيامه.

<<  <  ج: ص:  >  >>