للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَكُنَّا بَعْدَ ذَلِكَ نَصُومُهُ، وَنُصَوِّمُ صِبْيَانَنَا الصِّغَارَ مِنْهُمْ إِنْ شَاءَ اللهُ، وَنَذْهَبُ إِلَى الْمَسْجِدِ، فَنَجْعَلُ لَهُمُ اللَّعْبَةَ مِنَ الْعِهْنِ، فَإِذَا بَكَى أَحَدُهُمْ عَلَى الطَّعَامِ، أَعْطَيْنَاهَا إِيَّاهُ عِنْدَ الإِفْطَارِ.

١٣٧ - (...) وحدّثناه يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، حَدَّثَنَا أَبُو مَعْشَرٍ الْعَطَّارُ، عَنْ خَالِدِ بْنِ ذَكْوَانَ، قَالَ: سَأَلْتُ الرُّبَيِّعَ بِنْتَ مُعَوِّذٍ عَنْ صَوْمِ عَاشُورَاءَ؟ قَالَتْ: بَعَثَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رُسُلَهُ فِى قُرَى الأَنْصَارِ. فَذَكَرَ بِمِثْلِ حَدِيثِ بِشْرٍ. غَيْرِ أَنَّهُ قَالَ: وَنَصْنَعُ لَهُمُ اللُّعْبَةَ مِنَ

ــ

الجمهور فى المسألة، وقد قيل: يحتمل أن الفرض إذا سُلّم فمِه حينئذ وطرأ عليهم (١) وجوبُه، فأعلمهم بذلك وأمرهم به، وإن حكم عاشوراء فى ذلك كله منسوخ لما نسخ فرضه، فلا يقاس عليه فرضٌ ولا نفل، وأيضاً فقد قال فى الحديث: " ومن أكل فليتم صومه "، و [لا] (٢) هذا لا يقوله من يجيز النية فى النهار، وإنما يقول ذلك فيمن لم يأكل، فدل أن حكم عاشوراء فى ذلك، أما حكم غيره من الفرائض فيمن أفطر فيها ناسيًا أو جاهلاً أن ذلك يوم صومه، فيمه لزومًا، أو (٣) هذا حكم خاص بعاشوراء، ورخصة ليست لسواه، وزيادة فى فضله، وتأكيد صومه، كما ذهب إليه ابن حبيب، وحكاه عن أهل العلم. وذهب الخطابى أن هذا على معنى الاستحباب والإرشاد (٤) لأوقات الفضل؛ لئلا يغفل عنه عند مصادمة وقته (٥).

قال الإمام: خرّج مسلم فى هذا الباب: حدثنا ابن أبى شيبة، وابن نمير قالا: ثنا أبو أسامة، وذكر حديث أبى موسى، قال بعضهم فى نسخة ابن الحذاء: ثنا أبو بكر بن أبى شيبة، وابن أبى عمر قالا: ثنا أبو أسامة، جعل ابن أبى عمر مكان ابن نمير، وهو (٦) وَهْمٌ، والصواب الأول، وهى رواية الجلودى وغيره.

وقوله: " إنهم كانوا يُصَوِّمُون فيه صبيانهم، ويجعلون لهم اللعبة من العهن " العهن: الصوف، واحدتها عِهْنة، مثل صوفٍ وصوفة، وقيل: لا يقال للصوف: عهن، إلا إذا كان مصبوغًا، قال زهير:


(١) فى س: عليه.
(٢) ساقطة من س.
(٣) فى س: و.
(٤) فى س: بالإرشاد.
(٥) هذا منه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وليس بإيجاب؛ وذلك أن لأوقات الطاعات أزمنة ترعى ولا تهمل، فأحب النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن يرشدهم إلى ما فيه الفضل والحظ، لئلا يغفلوه عند مصادفتهم وقته، وقد صار هذا أصلاً فى مذاهب العلماء فى مواضع مخصوصة. انظر: معالم السنن للخطابى ٣/ ٣٢٥.
(٦) فى س: وهذا.

<<  <  ج: ص:  >  >>