للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَلَيْهِ، مَعَهُ نَاسٌ مِنْ أَصْحَابِهِ، فِيهمْ عُمَرُ، إِذْ جَاءَهُ رَجُلٌ عَلَيْهِ جُبَّةُ صُوفٍ، مُتَضَمِّخٌ بِطِيبٍ. فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، كَيْفَ تَرَى فِى رَجُلٍ أَحْرَمَ بِعُمْرَةٍ فِى جُبَّةٍ بَعْدَ مَا تَضَمَّخَ بَطِيبٍ؟ فَنَظَرَ إِلَيْهِ النَّبِىُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَاعَةً، ثُمَّ سَكَتَ. فَجَاءَهُ الوَحْىُ، فَأَشَارَ عُمَرُ بِيَدِهِ إِلَى يَعْلَى ابْنِ أُمَيَّةَ: تَعَالَ. فَجَاءَ يَعْلَى. فَأَدْخَلَ رَأْسَهُ. فَإِذَا النَّبِىُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُحْمَرُّ الوَجْهِ، يَغَطُّ سَاعَةً، ثُمَّ سُرِّىَ عَنْهُ، فَقَالَ: " أَيْنَ الَّذِى سَأَلَنِى عَنِ العُمْرَةِ آنِفًا؟ " فَالْتُمِسَ الرَّجُلُ، فَجِىءَ بِهِ. فَقَالَ النَّبِىُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أَمَّا الطِيبُ الَّذِى بِكَ فَاغْسِلْهُ ثَلاثَ مَرَّاتٍ، وَأَمَّا الجُبَّةُ فَانْزِعْهَا، ثُمَّ اصْنَعْ فِى عُمْرَتِكَ مَا تَصْنَعُ فِى حَجِّكَ ".

٩ - (...) وحدَّثنا عُقْبَةُ بْنُ مُكْرَمٍ العَمِّىُّ وَمُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ - وَاللَّفْظُ لابْنِ رَافِعٍ - قَالا: حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرِ بْنِ حَازِمٍ، حَدَّثَنَا أَبِى. قَالَ: سَمِعْتُ قَيْسًا يُحَدِّثُ عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ يَعْلَى بْنِ أُمَيَّةَ، عَنْ أَبِيهِ - رَضِىَ اللهُ عَنْهُ - أَنَّ رَجُلاً أَتَى النَّبِىَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ بِالجِعْرَانَةِ، قَدْ أَهَلَّ بِالعُمْرَةِ، وَهُوَ مُصَفِّرٌ لِحْيَتَهُ وَرَأْسَهُ وَعَلَيْهِ جُبَّةٌ. فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنِّى أَحْرَمْتُ بِعُمْرَةٍ، وَأَنَا كَمَا تَرَى. فَقَالَ: " انْزِعْ عَنْكَ الجُبَّةَ، وَاغْسِلْ عَنْكَ الصُّفْرَةَ، وَمَا كُنْتَ صَانِعًا فى حَجِّكَ، فَاصْنَعْهُ فِى عُمْرَتِكَ ".

١٠ - (...) وحدّثنى إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِىٍّ عُبَيْدُ اللهِ بْنُ عَبْدِ المَجِيدِ، حَدَّثَنَا رَبَاحُ بْنُ أَبِى مَعْرُوفٍ، قَال: سَمِعْتُ عَطَاءً قَالَ: أَخْبَرْنِى صَفْوَانُ بْنُ يَعْلَى، عَنْ

ــ

وقوله للمعتمر [الذى رأى عليه جبة عليها خلوق] (١): " انزع عنك الجبة، واغسل عنك الصّفرةَ ": [الخلوق، بفتح الخاء، الطيب المصبوغ بالزعفران، والمقطعات: الثياب المخيطة، كقوله فى الحديث الآخر: " بجبة "] (٢).

وقوله: " فسكت عنه فلم يرجع إليه ": أى يرد عليه جواباً. ومعنى " خَمَّرَهُ ": ستره، كما جاء فى الرواية الأخرى مبيناً، والغطيط مثل صوت النائم الذى يردده مع نفسه. ومعنى " سرّى عنه ": أى أزيل ما به وكشف عنه.

قال الإمام: لا خلاف فى منع [استعمال] (٣) الطيب للمحرم بعد التلبس بالإحرام. واختلف الناس فى جواز استعماله قبل الإحرام، واستدامته بعده، فمنع من ذلك مالك تعلقاً بهذا الحديث، وفيه أنه أمره بغسل ما عليه منه (٤)، وأجاز ذلك الشافعى (٥)، وتأول


(١) و (٢) سقط من ع.
(٣) زائدة فى ع.
(٤) الاستذكار ١١/ ٥٩.
(٥) الحاوى ٤/ ١٠٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>