للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[(٣) باب التلبية وصفتها ووقتها]

١٩ - (١١٨٤) حدَّثنا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى التَّمِيمِىُّ، قَالَ: قَرَأْتُ عَلَى مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ - رَضِىَ اللهُ عَنْهُمَا - أَنَّ تَلْبِيَةَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ، لَبَّيْكَ لَا شَرِيكَ لَكَ لَبَّيْكَ، إِنَّ الحَمْدَ وَالنَّعْمَةَ لَكَ وَالمُلْكَ لا شَرِيكَ لَكَ ".

ــ

وقوله: " لبيك "، قال الإمام: التلبية عند أبى حنيفة واجبة (١)، ومالك والشافعى لا يوجبانها (٢). واختلف إذا لم يأت بها، فعند مالك: يلزمه دم، ولم يلزمه الشافعى، وعند مالك والشافعى: أن الحج يصح [فيه] (٣) الدخول بالنية خاصة، وأنه ينعقد بالقلب كما ينعقد الصوم، وعند أبى حنيفة: لا ينعقد إلا بمقارنة التلبية أو سوق الهدى إلى عقد القلب.

قال القاضى: قال شيوخنا البغداديون: التلبية عندنا مسنونة غير مفروضة، قال الباجى: ومعنى ذلك عندى: أنها ليست من أركان الحج، وإلا فهى واجبة، ولذلك لزم الدم بتركها (٤).

قال القاضى: وهذا فرق ما بيننا وبين أبى حنيفة؛ لأنه يعتقدها شرطاً فى صحة الحج وركناً من أركانه، كالتكبير فى إحرام الصلاة، وقاله ابن حبيب من أصحابنا، إلا أن أبا حنيفة على أصله يجرى (٥) عنده من التلبية ما فى معناها من التسبيح والتهليل وذكر الله كما يجرى (٦) ما فى معنى التكبير عنده فى الإحرام مما فيه التعظيم لله.

[وقوله: " إن تلبية رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ": ظاهره التى كان يواظب عليها ويقولها؛ فلهذا استحب العلماء المجىء بها بلفظها ثم يقول بعد أمر الذكر والدعاء والثناء ما شاء، فإن أهل بما فى معناها من التسبيح والتهليل لم يكن عليه بذلك دم، بخلاف تارك كل ذلك عندنا] (٧).

قال الإمام: وهو مصدر ثنى (٨) للتكثير والمبالغة، ومعناه: إجابة [لك] (٩) بعد إجابة، ولزوماً لطاعتك فتلبيته للتأكيد لا تثنية حقيقية بمنزلة قوله تعالى: {بَلْ يَدَاهُ


(١) المغنى لابن قدامة ٥/ ١٠١، الاستذكار ١١/ ٩٦، المنتقى للباجى ٢/ ٢١١.
(٢) الحاوى ٤/ ٨٨، ٨٩.
(٣) ساقطة من الأصل، ومثبتة من س.
(٤) المنتقى للباجى ٢/ ٢١١.
(٥) و (٦) فى س: يجزى.
(٧) سقط من الأصل، واستدرك بالهامش بسهم.
(٨) فى س: مثنى
(٩) ساقطة من الأصل، ومثبتة من ع، هامش س.

<<  <  ج: ص:  >  >>