للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَدِمَ زَيْدُ بْنُ أَرْقَمَ. فَقَالَ لَهُ عَبْدُ اللهِ بْنُ عَبَّاسٍ يَسْتَذْكِرُهُ: كَيْفَ أَخْبَرْتَنِى عَنْ لَحْمِ صَيْدٍ أُهْدِىَ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ حَرَامٌ؟ قَالَ: قَال: أُهْدِىَ لَهُ عُضْوٌ مِنْ لَحْمِ صَيْدٍ فَرَدَّهُ. فَقَالَ: " إِنَّا لا نَأْكُلُهُ، إِنَّا حُرُمٌ ".

٥٦ - (١١٩٦) وحدَّثنا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ صَالِحٍ بْنِ كَيْسَانَ. ح وَحَدَّثَنَا ابْنُ أَبِى عُمَرَ - وَاللَّفْظُ لَهُ - حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، حَدَّثَنَا صَالِحُ بْنُ كَيْسَانَ. قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا مُحَمَّدٍ مَوْلَى أَبِى قَتَادَةَ يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا قَتَادَةَ يَقُولُ: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، حَتَّى إِذَا كُنَّا بِالقَاحَةِ فَمِنَّا المُحْرِمُ وَمِنَّا غَيْرُ المُحْرِمِ، إِذْ بَصُرْتُ بِأَصْحَابِى يَتَرَاءَوْنَ شَيْئًا، فَنَظَرْتُ فَإِذَا حِمَارُ وَحْشٍ، فَأَسْرَجْتُ فَرَسِى وَأَخْذْتُ رُمْحِى، ثُمَّ رَكِبْتُ، فَسَقَطَ مِنِّى سَوْطِى، فَقُلْتُ لأَصْحَابِى - وَكَانُوا مُحْرِمِينَ -: نَاوِلُونِى السَّوْطَ. فَقَالُوا: وَاللهِ، لا نُعِينُكَ عَلَيْهِ بِشَىْءٍ. فَنَزَلْتُ فَتَنَاوَلْتُهُ، ثُمَّ رَكِبْتُ، فَأَدْرَكْتُ الحِمَارَ مِنْ خَلْفِهِ وَهُوَ وَرَاءَ أَكَمَةٍ، فَطَعَنْتُهُ بِرُمْحِى فَعَقَرْتُه، فَأَتَيْتُ بِهِ أَصْحَابِى. فَقَالَ بَعْضُهُمْ: كُلُوهُ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ:

ــ

محققو شيوخنا من أهل العربية: " [لم] (١) نردُه " بضم الدال، وكذا وجدته بخط بعض الأشياخ - أيضاً - وهو الصواب عندهم على مذهب سيبويه فى مثل هذا من المضاعف، إذا دخلت الهاء أن يضم ما قبلها فى الأمر ونحوه من المجزوم، مراعاة للواو التى توجبها ضمة الهاء بعدها لخفاء الهاء؛ فكان ما قبلها ولى الواو، ولا يكون ما قبل الواو إلا مضموماً، وهذا فى المذكر، وأما المؤنث مثل: لم نردها وأختها، فمفتوح الدال مراعاة للألف.

قال الإمام: وفى حديث أبى قتادة أنهم قالوا له: لا نُعِينُك عليه، وسألهم - عليه السلام -: " هل أعانوه؟ ": وفى إطلاق المعونة حجة على أبى حنيفة الذى يرى أن المعونة لا تؤثر، إلا أن يكون الصيد لا يصح صيده دونها، وهذا الحديث هاهنا إنما ذكر فيه معونة مطلقة ولم يشترط، وذكر فيه أن بعضهم أكل من الصيد، وبعضهم لم يأكل، وأنه - عليه السلام - لم يَلُمْ أحداً منهم على ما فعل، وهو دليل على أن الاجتهاد فى مسائل الفروع يسوغ.

قال القاضى: قيل: إنما جاز (٢) بقاء أبى قتادة هاهنا غير محرم، أنه لم يكن وقت المواقيت بعدُ، وقيل: لأن النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان بعثه فى أصحابه لكشف عدو لهم لجهة الساحل


(١) ساقطة من س.
(٢) فى س: جاء فى.

<<  <  ج: ص:  >  >>