للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المُحْرِمُ رَأْسَهُ. فَأَرْسَلَنِى ابْنُ عَبَّاسٍ إِلَى أَبِى أَيُّوبَ الأَنْصَارِىِّ أَسْأَلُهُ عَنْ ذَلِكَ، فَوَجَدْتُهُ يَغْتَسِلُ بَيْنَ القَرْنَيْنِ، وَهُوَ يَسْتَتِرُ بِثَوْبٍ. قَالَ: فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ. فَقَالَ: مَنْ هَذَا؟ فَقُلْتُ: أَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ حُنَيْنٍ، أَرْسَلَنِى إِلَيْكَ عَبْدُ اللهِ بْنُ عَبَّاسٍ. أَسْأَلُكَ كَيْفَ كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَغْسِلُ رَأْسَهُ وَهُوَ مُحْرِمٌ؟ فَوَضَعَ أَبُو أَيُّوبَ - رَضِىَ اللهُ عَنْهُ - يَدَهُ عَلَى الثَّوْبِ، فَطَأْطَّأَهُ حَتَّى بَدَا لِى رَأْسُهُ، ثُمَّ قَالَ لإِنْسَانٍ يَصُبُّ: اصْبُبْ. فَصَبَّ عَلَى رَأْسِهِ، ثُمَّ حَرَّكَ رَأْسَهُ بِيَدَيْهِ، فَأَقْبَلَ بِهِمَا وَأَدْبَرَ. ثُمَّ قَالَ: هَكَذَا رَأَيْتُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَفْعَلُ.

٩٢ - (...) وحدَّثناه إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ وَعَلىُّ بْنُ خَشْرَمٍ، قَالا: أَخْبَرَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ، حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، أَخْبَرَنِى زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ، بِهَذَا الإِسْنَادِ. وَقَالَ: فَأَمَرَّ أَبُو أَيُّوبَ بِيَدَيْهِ عَلَى رَأْسِهِ جَمِيعًا، عَلَى جَمِيعِ رَأْسِهِ، فَأَقْبَلَ بِهِمَا وَأَدْبَرَ. فَقَالَ المِسْوَرُ لابْنِ عَبَّاسٍ: لا أُمَارِيكَ أَبَدًا.

ــ

تدلك. واختلفوا فى غسل المحرم رأسه بالخطمى (١) والسدر، ففقهاء الأمصار على كراهية ذلك له، ومالك وأبو حنيفة يريان عليه إن فعل فدية، ولم ير عليه غيرهما فدية، وروى عن بعض السلف إباحة ذلك لمن كان ملبداً (٢).

وقوله: " فوجدته يغتسل بين القرنين ": هما الخشبتان القائمتان على رأس البئر وشبهها من البناء يمُدّ بينهما خشبة يجر عليها الحبل ليُستقى عليها، أو تعلق منها البكرة.

وقوله: " فسلمت عليه ": فيه دليلٌ على جواز السلام على المتطهر والمتوضئ بخلاف من هو على الحدث، وحديثه معه وسلامه عليه وهو بتلك الحال؛ لأنه كان مستوراً بثوب كما جاء فى الحديث.

وقوله: " فقال لإنسان يصب، فصَّب على رأسه [فحرك رأسه] (٣) بيديه ": حجةٌ لما تقدم، [وحجة] (٤) فى أن معلم الطهارة إذا نوى معها التطهير لا يضره.


(١) هى ضرب من النبات يغسل به الرأس. انظر: اللسان، مادة " خطم ".
(٢) فى س: ملبياً.
(٣) و (٤) فى هامش الأصل.

<<  <  ج: ص:  >  >>