للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

غسل الطواف بالبيت وأوكدها غسل الإحرام، قال بعض أصحابنا عنه: إنه أوكد عنده من غسل الجمعة، ويستدل من قال بتأكيده بأمر النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ للنفساء به، وقد أطلق - أيضاً - مالك على جميعها الاستحباب. وبقولنا فى تأكيد غسل الإحرام قال الشافعى فى جماعة العلماء، ولم يقل بوجوبه إلا الحسن وعطاء فى أحد قوليه، وقال أهل الظاهر لهذا الحديث، وقال الكوفيون والأوزاعى: وهو يجزئ منه، كأنهم رأوه مستحباً، وروى عن عطاء أيضاً.

وفى الحديث أن الحيض والنفاس لا ينافى عمل الحج كله، إلا ما يتعلق بدخول المسجد من الطواف والركوع بعده، وما يتصل به من السعى، كما قال - عليه السلام -: " وافعلى ما يفعل الحج غير ألا تطوفى بالبيت " (١) ولا خلاف بين العلماء فى ذلك كله، إذ لا يجوز دخول غير الطاهر المسجد، ولا صلاة بغير طهور. وفيه جواز الإحرام بغير صلاة؛ إذ لا تصح منها الصلاة، وقد تقدمت المسألة قبل.

وقوله: " [بالشجرة] (٢) "، وفى الرواية الأخرى: " بذى الحليفة "، وفى رواية مالك: " بالبيداء ": فكلها مواضع متقارب بعضها من بعض، والشجرة بذى الحليفة، والبيداء طرف منها، فمحتمل أن نزولها بسبب الولادة كان بالبيداء (٣)، لتبعد عن الناس، فذكر فى هذا الحديث منزلها حقيقةً، وكان نزول النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حينئذ بذى الحليفة من حيث أهل، وهناك بات، وهى عند الشجرة، فسمى منزل الناس كلهم باسم منزل إمامهم، والله أعلم. وفيه ما عُلمَ من عادة الصحابة من تحمل السنن بعضهم عن بعض بحضرة النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، واكتفائهم بذلك عن سماعها منه. وفيه سؤال الرجل عما يلزم من يقوم عليه ومراعاته (٤) أمر دينهم ودنياهم.


(١) سيأتى فى الباب القادم برقم (١٢٠).
ورواه مالك فى الموطأ، ك الحج، ب دخول الحائض مكة ١/ ٤١١، وكذا البخارى، ك الحج، ب تقضى الحائض المناسك كلها إلا الطواف ٣/ ١٩٥، وأيضاً النسائى، ك الحج، ب ما يفعل من أهل بالحج وأهدى ٥/ ٢٤٥ مختصراً.
(٢) ساقطة من الأصل، والمثبت من س.
(٣) الموطأ، ك الحج، ب الغسل للإهلال ١/ ٣٢٢.
(٤) فى س: ومراعاة.

<<  <  ج: ص:  >  >>