للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَلَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا أَبْكِى. فَقَالَ: " مَا يُبْكِيكِ؟ ". قُلْتُ: سَمِعْتُ كَلامَكَ مَعَ أَصْحَابِكَ فَسَمعْتُ بِالعُمْرَةِ - فَمُنِعْتُ العْمْرَةَ - قَالَ: " وَمَا لَكِ؟ " قُلْتُ: لا أُصَلِّى قَالَ: " فَلا يَضُرُّكِ، فَكُونِى فِى حَجِّكِ، فَعَسَى اللهُ أَنْ يَرْزُقَكِيهَا، وَإِنَّمَا أَنْتِ منْ بَنَاتِ آدَمَ، كَتَبَ اللهُ عَلَيْكِ مَا كَتَبَ عَلَيْهِنَّ ". قَالَتْ: فَخَرَجْتُ فِى حَجَّتِى حَتَّى نَزَلْنَا مِنًى فَتَطَهَّرْتُ، ثُمَّ طُفْنَا بِالبَيْتِ، وَنَزَلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المُحَصَّبَ فَدَعَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَبِى بَكْرٍ فَقَالَ: " اخْرُجْ بِأُخْتِكَ مِنَ الحَرَمِ فَلْتُهِلَّ بِعُمْرَةٍ، ثُمَّ لْتَطُفْ بِالبَيْتِ، فَإِنِّى أَنْتَظِرُكُمَا هَاهُنَا ". قَالَتْ: فَخَرَجْنَا فَأَهْلَلْتُ، ثُمَّ طُفْتُ بِالبَيْتِ وَبِالصَّفَا وَالمَرْوَةِ، فَجِئْنَا رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ فِى مَنْزِلِهِ مِنْ جَوْفِ اللَّيْلِ. فَقَالَ: " هَلْ فَرَغْتِ؟ ". قُلْتُ: نَعَمْ، فآذَنَ فِى أَصْحَابِهِ بِالرَّحِيلِ، فَخَرَجَ فَمَرَّ بِالبَيْتِ فَطَافَ بِهِ قَبْلَ صَلاةِ الصُّبْحِ، ثُمَّ خَرَجَ إِلَى المَدِينَةِ.

ــ

وقوله لعائشة: " أو ما شعرت أنى أمرت الناس بأمر فإذا هم يتردَّدون " وقوله: " إنى أتقاكم لله وأصدقكم وأبركم، ولولا هديى لحللت كما تحلون " الحديث، وقولهم: " فحللنا وسمعنا وأطعنا ": فهذا يدل أنها كانت بعد عزمة منه، بعد أن خيرهم فى ذلك؛ لتأنس نفوسهم للاعتمار فى أشهر الحج وأيامه، ولا ينكرون ذلك على إلفهم فى الجاهلية، ألا تراه كيف قال فى حديث جابر: " فكبر ذلك علينا وضاقت به صدورنا "، وقول عائشة فى هذا الحديث: سمعت كلامك مع أصحابك، فسمعت بالعمرة (١)، قال (٢): " وما لك؟ " قالت: لا أصلى، قال: " لا يضرك، كونى فى حجك " كذا الرواية عند جمهور رواة مسلم، وفى كتاب ابن سعيدٍ: " فمنعت العمرة " وهو الصواب.

وقوله: " كونى فى حجك ": أصح حجةً [على] (٣) أنها لم تكن اعتمرت، ولا فسخت حجها، أى اثبتى على حجك.

وقوله: " فعسى الله أن يرزقكها ": يعنى العمرة، والله أعلم، كما كان من اعتمارها بعد تمام حجها، وقد يحتمل أنه يريد أن يرزقك تمام حجك وتفوزى بأجره، وكذا ذكره البخارى (٤).

وقولها: " فمر بالبيت فطاف به قبل صلاة الصبح، ثم خرجنا إلى المدينة ": فيه


(١) فى نسخ الإكمال: العمرة.
(٢) فى نسخ الإكمال: فقال، والمثبت من الصحيحة المطبوعة.
(٣) ساقطة من س.
(٤) البخارى، ك الحج، ب قول الله تعالى: {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ} ٢/ ١٧٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>