للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَاسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ، فَلَمْ يَزَلْ وَاقِفًا حَتَّى غَرَبَتِ الشَّمْسُ، وَذَهَبَتِ الصُّفْرَةُ قَلِيلاً حَتَّى غَابَ الْقُرْصُ، وَأَرْدَفَ أُسَامَةَ خَلْفَهُ، وَدَفَعَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ شَنَقَ لَلْقَصْوَاءِ الزِّمَامَ، حَتَّى إِنَّ رَأْسَهَا لَيُصِيبُ مَوْرِكَ رَحْلِهِ، وَيَقُولُ بِيَدِهِ الْيُمْنَى: " أَيُّهَا النَّاسُ، السَّكِينَةَ السَّكِينَة "، كُلَّمَا أَتَى حَبْلاً مِنَ الْحِبَالِ أَرْخَى لَهَا قَلِيلاً، حَتَّى تَصْعَدَ، حَتَّى أَتَى الْمُزْدَلِفَةَ، فَصَلَّى بِهَا الْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ بِأَذَانٍ وَاحِدٍ وِإقَامَتَيْنِ، وَلَمْ يُسَبِّحْ بَيْنَهُمَا شَيْئًا، ثُمَّ اضْطَجَعَ رَسُولُ اللهِ

ــ

صوابه ووجه الكلام: " حين غاب القرص ".

وقوله: " وجعل حبل المشاة بين يديه ": يريد صفهم ومجتمعهم. وحبل الرمل: ما طال منه وضخم، وقيل: حبل المشاة حيث تسلك الرّجالة، أى طريقهم، والأول أشبه بالحديث.

وقوله: " وقد شنق للقصواء الزمام حتى إن رأسها ليصيب مَوْركِ رَحْلِه ": مورك الرحل، بفتح الراء، ومَوْرَكَتُهُ أيضاً: قطعةٌ من أدم، يتورك عليها الرَاكب، تُجعل فى مُقدَّم الرحل، شبه المخدة الصغيرة. فيه الرفق فى السير من الراكب بالمشاة، كما جاء فى الحديث بعد هذا: " وهو كافّ ناقته " (١). وشنق: ضمّ وضيق، وما جاء فى الحديث من ضم رأسها يفسر (٢) ذلك.

وقوله: ويقول بيده: " أيها الناس، السكينة [السكينة] (٣) ": فيه صفة الدفع من عرفة وسنتها، وهو سنة العبادات، لاسيما فى الجموع الكثيرة، مع ما فيه من الرفق والتؤدة لهم ولركابهم، وأمن الأذى مع ذلك، بخلاف العجلة.

وقوله: " كلما (٤) أتى حبلاً من الحبال أرخى لها قليلاً حتى يصعد "، قال الإمام: الحبال دون الجبال. قال ابن السكيت: الحبل [مستطيل] (٥) من الرمل.

قال القاضى: قال غيره: هو ما ضخم من الرمل وطال، وفى هذا الفعل الرفق بالدواب؛ لئلا يتكلف فى صعود ذلك مشقة مع مشقة الشنق، مع عادة الدواب من الترسل فى المشى فى الصعود.

وقوله: " حتى تصْعَد ": ويروى تصعد ثلاثى ورباعى، ويقال: صَعِدَ فى الحبل،


(١) سيأتى إن شاء الله فى ب التلبية والتكبير فى الذهاب من منى إلى عرفات فى يوم عرفات.
(٢) فى س: يبين.
(٣) ساقطة من س.
(٤) فى س: حتى، والمثبت من الصحيحة المطبوعة والأصل.
(٥) زائدة فى هامش س.

<<  <  ج: ص:  >  >>