للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

رواية من روى أنه لم يكن بشريك إشاعةً، وإنما أعطاه منها عددًا، وقال هنا: " إن النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نحر ثلاثاً وستين [بدنة] (١) بيده ": قيل: إشارة إلى [منتهى عمره] (٢)، ونحر علىٌّ ما بقى. ذكر بعض أصحاب المعانى أن نحر النبى - عليه السلام - ثلاثاً وستين بدنة بيده إشارة إلى منتهى عمره، ويكون قد نحر عن كل عام من عمره بدنة.

قال القاضى: والذى يظهر لى أن النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نحر بدن نفسه بيده، وهى التى أتى بها من ذى الحليفة، على ما ذكر مسلم فى حديث ابن عمر وهى التى كانت عدد ما جاء به من المدينة (٣)، على ما ذكره الترمذى فى الحديث ثلاثاً وستين (٤)، وأن البقية هى التى أتى بها علىّ، هى التى أعطاها له النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، على ما تقدم فى بعض الروايات، فلم يكن بها (٥) حجة فى الاستنابة، ولا فى التشريك، ولكن يبقى هنا إشكال فى هبتها (٦) بعد تقليدها وإشعارها، وقد وجبت بذلك لمقلدها ومهديها، وقد ذكر أصحاب الأخبار والمغازى أن علياً ساقها على أن لرسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ما شاء منها، فإن كان قلدها وأشعرها عن نفسه على هذه النية، فقد أبقاها له النبى - عليه السلام - وتركها هدياً عنه، وأهدى هو ما أتى به من المدينة.

وقوله: " ثم أمر من كل بدنة ببضعة، فجعلت فى قدر، فطبخت، فأكلا من لحمها وشربا من مرقها (٧) "، قال الإمام: لما كان الأكل من جميع لحمها فيه كلفة، جمعه فى قدرٍ واحدٍ ليكون تناوله من المرق كالأكل من الجميع.

قال القاضى: يحتج بهذا على قولنا: إن من حلف ألا يأكل لحماً فشرب مرقه، أنه حانث لحصول اللحم فيه، إلا أن يكون له مقصد ونية، وذكر الداودى أنه روى أنه: " أخذ من كل بدنةٍ بضعةً صغيرة فينظمها فى خيطٍ فتطبخ ويأكلها " لقوله تعالى: {فَكُلُوا مِنْهَا} (٨)، والأكل باتفاق ليس بواجبٍ، لكنه من سننها، ويطعم باقيها، وقال النخعى: من شاء أكل ومن شاء لم يأكل، وسيأتى الكلام على الأكل من الهدايا، والخلاف فيها بعد هذا، وما ذكره الداودى حديث غير معروف منكر، وفى هذا الحديث من خصائص على - رضى الله عنه - فى تشريكه معه فى هديه وتفضيلِه بذلك دون غيره، واستدل به على جواز الأكل من هدى المتعة والقران، على القول أنه كان متمتعاً أو قارناً، ولا حجة فيه؛ لأن هذا لم ينص أنه كان للمتعة ولا للقران، وقد بينا أنه كان غير متمتع ولا قارن،


(١) ساقطة من س.
(٢) من س.
(٣) فى س: الحديبية.
(٤) الترمذى عن جابر، ك الحج، ب كم حج النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ٣/ ١٩٦.
(٥) فى س: هنا.
(٦) فى س: هيئتها.
(٧) فى س: مرقتها.
(٨) الحج: ٢٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>