للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأَمْرَ قَدْ تَفَشَّغَ بِالنَّاسِ، مَنْ طَافَ بِالْبَيْتِ فَقَدْ حَلَّ، الطَّوَافُ عُمْرَةٌ. فَقَالَ: سُنَّةُ نَبِيّكُمْ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَإِنْ رَغمْتُمْ.

٢٠٨ - (١٢٤٥) وحدّثنا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ، أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، أَخْبَرَنِى عَطَاءُ، قَالَ: كَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ يقُولُ: لَا يَطُوفُ بِالْبَيْتِ حَاجٌّ وَلَا غَيْرُ حَاجٍّ إِلا حَلَّ. قُلْتُ لِعَطَاءٍ: مِنْ أَيْنَ يَقُولُ ذَلِكَ؟ قَالَ: مِنْ قَوْلَ اللهِ تَعَالَى: {ثُمَّ مَحِلُّهَا إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيق} (١) قَالَ: قُلْتُ: فَإِنَّ ذَلِكَ بَعْدَ الْمُعَرَّفِ. فَقَالَ: كَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ يَقُولُ: هُوَ بَعْدَ الْمُعَرَّفِ وَقَبْلَهُ، وَكَاَنَ يَأْخُذُ ذَلِكَ مِنْ أَمْرِ النَّبِىِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، حِينَ أمَرَهُمْ أَنْ يَحِلُّوا فِى حَجَّةِ الْوَدَاعِ.

ــ

روايتنا فيه هنا فى الحرف الأول: " تشغفت " بالشين والغين المعجمتين، وبعدهما الفاء أخت القاف. وكذا ذكر الحرف ابن أبى شيبة، [ووقع] (٢) فى مسند أبى داود: " تفشغت " بتقديم الفاء على الشين والغين، وكذا - أيضاً - وقع فى [كتاب ابن أبى شيبة من رواية هشام عن قتادة، وقد ذكر مسلم فيه] (٣) الحديث بعده هذا الأمر: " قد تفشع " (٤). ومعنى الكلمة على هذه الرواية: فشت وانتشرت، يقال: تفشع له الولد: إذا كبر وانتشر، وقد يكون معنى ذلك كسلت الناس عن المتعة. قال الفراء: التفشغ والفشاغ: الكسل، قد يكون معناها: أفسدت حال الناس بوقوع الخلاف بينهم؛ من الفشاع، وهو نبات يلتوى على الثمار، وأما الرواية الأولى فإن لم تكن وهماً وقلباً فمعناه: علقت بقلوب الناس وشغفوا بها، وقد قال المفسرون فى قوله تعالى: {قَدْ شَغَفَهَا حُبًّا} (٥) أى علقها (٦)، وأما الحرف الثانى فى قوله: " أو تشعبت " بالعين المهملة، بعدها الباء بواحدة، فكذا رويناه عن الأسدى والتميمى من شيوخنا، وعند غيرهما: " أو تشغبت " بالغين المعجمة، وقد ذكر أبو عبيد هذا الحديث بهذا الحرف من غير شك، وذكر الخلاف لهذين الوجهين من العين والغين عن رواية، واختار هو العين المهملة، ومعنى هذا على رواية العين المهملة (٧): فرقت الناس أو فرقت مذاهب الناس؛ من التشغيب، أى خلطت عليهم أمرهم، وقد تقدم شذوذ ابن عباس فى هذه المسألة، ومخالفة الجمهور له.

قال الإمام: قال بعض شيوخنا: لعله يريد فيمن فاته الحج: أنه يحل بالطواف


(١) الحج: ٣٣.
(٢) فى هامش س.
(٣) سقط من الأصل، واستدرك من الهامش بسهم.
(٤) فى س: كثر.
(٥) يوسف: ٣٠.
(٦) ذكر الطبرى فى تفسيره عن ابن عباس قوله: {قَدْ شَغَفَهَا حُبًّا} يقول: عَلَّقها حبًّا. انظر: ابن جرير ١٦/ ٦٤.
(٧) وقد ذكر ابن جرير عن الشعبى فى قوله: {قَدْ شَغَفَهَا حُبًّا} قال: المشغوف: المحب، والمشعوف: المجنون. السابق ١٦/ ٦٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>