للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَطَّوَّفُوا بَيْنَ الصَّفَا وَالمَرْوَةِ، فَلَمَّا قَدِمُوا مَعَ النَّبِىِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلْحَجِّ ذَكَرُوا ذَلِكَ لَهُ، فَأَنْزَلَ اللهُ تَعَالَى هَذِهِ الآيَةَ فَلَعَمْرِى، مَا أَتَمَّ اللهُ حَجَّ مَنْ لَمْ يَطُفْ بَيْنَ الصَّفَا وَالمَرْوَةِ.

٢٦١ - (...) حدّثنا عَمْرٌو النَّاقِدُ وَابْنُ أَبِى عُمَرَ، جَمِيعًا عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ. قَالَ ابْنُ أَبِى عَمَرَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، قَالَ: سَمِعْتُ الزُّهْرِىَّ يُحَدِّثُ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ. قَالَ: قُلْتُ لِعَائِشَةَ زَوْجِ النِّبِىِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَا أَرَى عَلَى أَحَدٍ لَم يَطُفْ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ شَيْئًا، وَمَا أُبَالِى أَلَّا أَطُوفَ بَيْنَهُمَا. قَالَتْ: بِئْسَ مَا قُلْتَ يَا ابْنَ أُخْتِى، طَافَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَطَافَ الْمُسْلِمُونَ. فَكَانَتْ سُنَّةً. وَإِنَّمَا كَانَ مَنْ أَهلَّ لِمَنَاةَ الطَّاغِيَةِ الَّتِى بِالْمُشَلَّلِ، لا يَطُوفُونَ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، فَلَمَّا كَانَ الإِسْلامُ سَأَلْنَا النَّبِىَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ ذَلِكَ؟ فَأَنْزَلَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِن شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَن يَطَّوَّفَ بِهِما} وَلَوْ كَانَتْ كَمَا تَقُولُ لَكَانَتْ: فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَلَّا يَطَّوَّفَ بِهِمَا.

قَالَ الزُّهْرِىُّ: فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لأَبِى بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْن الْحَارِثِ بْن هِشَامٍ، فَأَعْجَبَهُ ذَلِكَ.

وَقَالَ: إِنَّ هَذَا الْعِلْمُ، وَلَقَدْ سَمِعْتُ رِجَالاً مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ يَقُولُونَ: إِنَّمَا كَانَ مَنْ لا يَطُوفُ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ مِنَ الْعَرَبِ، يَقُولُونَ: إِنَّ طَوَافَنَا بَيْنَ هَذَيْنِ الحَجَرَيْنِ مِنْ أَمْرِ الْجَاهِلِيَّةِ، وَقَالَ آخَرُونَ مِنَ الأَنْصَارِ: إِنَّمَا أُمِرْنَا بِالطَّوَافِ بِالْبَيْتِ وَلَمْ نُؤْمَرَ بِهِ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، فَأَنْزَلَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِن شَعَائِرِ اللهِ}.

ــ

عليها، وقد يكون الفعل واجباً، ويعتقد المعتقد أنه قد يمتنع من إيقاعه على صفة، وهذا كمن عليه صلاة ظهر وظن أنه لا يسوغ له إيقاعها عند الغروب، فيسأل فيقال: لا حرج عليك إن صليت، فيكون هذا الجواب صحيحاً، ولا يقتضى نفى وجوب الظهر عليه (١).

قال القاضى: قد ذكر مسلم هذه العلة التى ذكر، وذكر - أيضاً - من رواية ابن أبى شيبة، عن أبى أسامة، عن أناسٍ من الأنصار؛ أنهم كانوا فى الجاهلية لا يحل لهم أن يطوفوا بين الصفا والمروة، فلما قدموا مع النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذكروا ذلك له، فأنزل الله الآية،


(١) فى ع: عنه.

<<  <  ج: ص:  >  >>