للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

منى، وذهب الشافعى وأبو ثور وأبو يوسف وعطاء أنه لا شىء عليه فى ترك ذلك جملة، وهذا على قول الشافعى أنه ليس بنسك، وله قول آخر أنه نسك، فيوافق على قوله هنا الأول، واختلف القائلون أنه نسك هل هو على المحصر؟ فقال أبو حنيفة: ليس عليه ذلك وقاله صاحباه، واختلف فيه على أبى يوسف فأوجبه مرة، وقول كافة العلماء: أن المحصر فى الحلاق والتقصير كغيره.

ولا خلاف أن الحلاق أفضل من التقصير، وأن التقصير يجزئ وأن الحلاق لا يلزم النساء، وأن شأنهن التقصير، وعند الكثير منهم أن الحلاق لا يباح لهن إلا من عذر لأنه مثلة فيهن (١)، وشذ الحسن فرأى أن الحلاق واجب فى أول حجة يحجها الإنسان، وجمهورهم على أنه من لبدّ أو عقص أو ضفّر، لزمه أن يحلق ولا يقصّر للسنة الواردة بذلك، قالوا: وعليه أن التقصير فى ذلك لا يعم شعره ومن سنته عموم تقصير شعره وهذا فيه ضعف، إلا أصحاب الرأى فجعلوا الملبّد والمضفّر لغيره يجزئه التقصير.

وفى بداية النبى - عليه السلام - يحلق رأسه بالشق الأيمن مشهور سنته فى التيامن فى العبادات وغيرها (٢)، وقسمته شعره - عليه السلام - على الناس تبركاً به واستشفاعاً إلى الله بأجزائه هو وما هو منه وتقرباً بذلك. وفيه حجة على طهارة الشعر وشعر الإنسان إذا انفصل عنه، وان كان قد اختلف العلماء فى ذلك كما تقدم فى كتاب الطهارة، وتخصيص شعر النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وجميع ما منه حياً وميتاً بالطهارة على أحد القولين هو الصحيح، وقد بسطنا الكلام فى ذلك فى كتاب الشفاء (٣). وحكم الحلاق وسنته أن يكون بعد النحر وقيل الإفاضة، على ما جاء من فعله - عليه السلام - سواء فى هذا القارن والمفرد عند كافتهم، وذهب ابن الجهم من أصحابنا أن القارن لا يحلق حتى يطوف ويسعى.


(١) راجع: التمهيد ٧/ ٢٦٧، بدائع الصنائع ٣/ ١١٢٧، الحاوى ٤/ ١٦٢.
(٢) يعنى الحديث الذى أخرجه البخارى، ك الوضوء، ب التيمن فى الوضوء والغسل عن عائشة بلفظ: " كان النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يعجبه التيمن فى تنعله وترجله وطهوره فى شأنه كله " ١/ ٥٣. وكذا، ك اللباس، ب الترجيل عن عائشة، بلفظ مقارب ٧/ ٢١١.
(٣) انظر بإفاضة: كتاب الشفاء للمؤلف، باب نظافة جسمه وطيب ريحه وعرقه ونزاهته عن الأقذار ١/ ٣٩ ط. الحلبى.

<<  <  ج: ص:  >  >>