للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[(٧١) باب الحج عن العاجز لزمانة وهرم ونحوهما، أو للموت]

٤٠٧ - (١٣٣٤) حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، قَالَ: قَرَأْتُ عَلى مَالِكٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سُليْمَانَ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبَّاسٍ؛ أَنَّهُ قَالَ: كَانَ الفَضْلُ بْنُ عَبَّاسٍ رَدِيفَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَجَاءَتْهُ امْرَأَةٌ مِنْ خَثْعَمَ تَسْتَفْتِيهِ، فَجَعَلَ الفَضْلُ يَنْظُرُ إِليْهَا وَتَنْظُرُ إِليْهِ، فَجَعَلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَصْرِفُ وَجْهَ الفَضْلِ إِلىَ الشِّقِّ الآخَرِ. قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّ فَرِيضَةَ اللهِ عَلى عِبَادِهِ فِى الحَجِّ أَدْرَكَتْ أَبِى شَيْخًا كَبِيرًا، لا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَثْبُت عَلى الرَّاحِلةِ، أَفَاحُجُّ عَنْهُ؟ قَالَ: " نَعَمْ "، وَذَلِكَ فِى حَجَّةِ الوَدَاعِ.

ــ

وقول الخثعمية: إن فريضة الله على عباده فى الحج أدركت أبى شيخاً كبيراً، لا يستطيع أن يثبت على الراحلة أفاحج عنه؟ قال: " نعم ". قال الإمام: يرى المخالف أن من عجز عن الحج وله مال، فعليه أن يستنيب من يحج عنه، ويحتج بهذا [الحديث] (١)، وبقوله فى حديث آخر: " أرأيت لو كان على أبيك دين " (٢) الحديث. وعندنا أنه لا يعلم (٣) الاستنابة، ولنا قوله تعالى: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إلَيْهِ سَبِيلاً} (٤)، وهذا ظاهره استطاعة البدن، ولو كان المال لقال: إحجاج البيت، وكأن الحج فرع بين أصلين: أحدهما: عمل بدن مجرد؛ كالصلاة والصوم فلا يستناب فى ذلك، والثانى: المال؛ كالصدقة وشبهه (٥)، فهذا يستناب فيه. والحج عمل بدن ونفقة مال، فمن غلب حكم البدن رده إلى الصلاة والصوم، ومن غلب حكم المال ردَّه إلى الصدقات والكفارات.

قال القاضى: لا حجة للمخالف بظاهر هذا الحديث؛ إذ ليس قولها: " إن فريضة الله على عباده فى الحج أدركت أبى شيخاً كبيراً " مما يوجب دخوله فى هذا الفرض، بل أخبرت أن إلزام الله عباده الحج الذى وقع بشرط من استطاع إليه سبيلاً، كان وأبوها بصفة من لا يستطيع، وهذه الزيادة هنا بقوله: " على عباده " تقضى على الأحاديث التى فيها: " أدركته " ولم يذكر فيها هذه الزيادة، ثم استأذنته فى: هل لها أن تحج عنه؟ وهل يباح


(١) ساقطة من ع.
(٢) النسائى فى الكبرى، ك الحج، ب تشبيه قضاء الحج بقضاء الدين ٢/ ٣٢٤، أحمد ٤/ ٥.
(٣) فى ع: يلزمه.
(٤) آل عمران: ٩٧.
(٥) فى ع: وشبه ذلك.

<<  <  ج: ص:  >  >>