للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وأموالهم ... " الحديث، فعلى هذا هو نص فى قتال من لم يصَلّ ولم يؤت الزكاة، وإن لم يفعل ذلك لم يَعْصم دمه وماله، كمن لم يشهد بالشهادتين، لكن يَدُلَّ من احتجاج عمر على أبى بكر بالحديث - وليس فيه غير ذكر الشهادتين دون غيرهما، أنهما لم يسمعاهُ وأن ابن عُمَر سَمعَ ذلك من موْطنٍ آخر، والله أعلم، ولو سمع ذلك عُمر لما احتج بالحديث دونها؛ إذ تلك الزيادة عليه حجةٌ، ولو سَمِعها أبو بكر لاحتجَّ بها على عُمَرَ ولم يُحوج إلى الحجة [بالقياس ولا] (١) بعموم قوله: " إلا بحقها ".

وفيه الحجةُ للقول بالعموم لاحتجاج أبى بكر بقوله: " إلا بحقها ".

وقوله لعُمَر: " فإن الزكاة حقُّ المال "، وقد أجمع المسلمون على قتل الممتنع عن أداء الصلاة والزكاة مكذباً بهما، وجمهورهم على قتل الممتنع من الصلاة أو المتهاون بها مع اعترافه بوجوبها، وأجمعوا على قتال الممتنع عن أداء الزكاة [قال عليه الصلاة والسلام]: (٢) " بنى الإسلام على خمس "، فهى دعائم الإسلام، فمن جحد واحدة منها كفر، ومن ترك واحدة منها لغير عذر وامتنع من فعلها مع إقراره بوجوبها قُتل عندنا وعند الكافة، وأخذت الزكاة من الممتنع كرهاً وقوتل إن امتنع، إلا الحج لكونه على التراخى.

واختلف العلماء فى قتل تارك (٣) غير الشهادتين، فأكثرهم على أن ذلك حدٌ لا كفرٌ، [وهو الصحيح، وقيل: كفر] (٤) والقول بهذا فى تارك الصلاة أكثر، وعليه تأولوا سبي أبى بكر لنساء مانعى الزكاة وأموالهم لاعتقاده كفرهم، ولقوله: {فَإِن تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاةَ} الآية (٥)، وللحديث المتقدم، وحَكَم فيهم حكم الناقض للعهد، فلما توفى ووَلى عمر ردَّ عليهم ذريَّتِهم وحكم فيهم حكم المرتدين.

وكان أهل الردة ثلاثة أصناف: صنف كفر بعد إسلامه ولم يلتزم شيئاً وعاد لجاهليته أو (٦) اتبع مسيلمة أو العنسىَّ وصدَّق بهما، وصنف أقرَّ بالإسلام إلا الزكاة فجحدها وأقر بالإيمان والصلاة، وتأول بعضهم أن ذلك كان خاصاً للنبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لقوله: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَة ...} الآية (٧)، وصنف اعترف بوجوبها ولكن امتنع من دفعها إلى أبى بكر وقال: إنما كان قبضُها للنبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خاصةً لا لغيره ممن يقوم مقامه بعده، وفرقوا صدقاتهم بأيديهم،


(١) من ق. والقياس فى اللغة: التقدير والمساواة، وفى الاصطلاح: مساواة فرع الأصل فى علة حكمه. والمراد بالفرع: صورة أريد إلحاقها بالأخرى فى الحكم لوجود العلة الموجبة للحكم فيها. وبالأصل: الصورة الملحق بها.
والفقهاء يسمون الأصل محل الوفاق، والفرع محل الخلاف. شرح مختصر ابن الحاجب ١/ ٦٣.
(٢) من ق.
(٣) فى الأصل: تاركها، والمثبت من ت، وهو الأليق بالسياق.
(٤) سقط من ق، وعلى أنه كفر فلا يصلى عليه ولا يدفن فى مقابر المسلمين.
(٥) التوبة: ٥.
(٦) فى ق: ومنهم.
(٧) التوبة: ١٠٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>