للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[(٨٢) باب تحريم مكة وصيدها وخلاها وشجرها ولقطتها، إلا لمنشد على الدوام]

٤٤٥ - (١٣٥٣) حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الحَنْظَلِىُّ، أَخْبَرَنَا جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ طَاوُسٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ الفَتْحِ - فَتْحِ مَكَّةَ -: " لا هِجْرَةَ، وَلكِنْ جِهَادٌ وَنِيَّةٌ، وَإِذَا اسْتنفِرْتُمْ فَانْفِرُوا ". وَقَالَ يَوْمَ الفَتْحِ - فَتْحِ مَكَّةَ -: " إِنَّ هَذَا البَلدَ حَرَّمَهُ اللهُ يَوْمَ خَلقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ، فَهُوَ حَرَامٌ بِحُرْمَةِ اللهِ إِلَى يَوْمِ القِيَامَةِ، وَإنَّهُ لمْ يَحِلَّ القِتَالُ فِيهِ لأَحَدٍ قَبْلِى، وَلمْ يَحِلَّ لِى إِلا سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ، فَهُوَ حَرَامٌ بِحُرْمَةِ اللهِ إِلَى يَوْمِ القِيَامَةِ، لا يُعْضَدُ شَوْكُهُ، وَلا يُنَفَّرُ صَيْدُهُ، وَلا يَلتَقِطُ إِلا مَنْ عَرَّفَهَا، وَلا يُخْتَلى خَلاهَا ". فَقَالَ العَبَّاسُ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِلا الإِذْخِرَ، فَإِنَّهُ لِقَيْنِهِمْ وَلِبُيُوتِهِمْ. فَقَالَ: " إِلا الإِذْخِرَ ".

ــ

وقوله: " لا هجرة، ولكن جهاد ونية، وإذا استنفرتم فانفروا ": فيه حجة لبقاء الجهاد، وكونه فرضاً. وقد اختلف العلماء فى هذا، هل سقط فرضه على الجملة إلا أن تقدح قادحة، أو يطرق العدو قوماً، أو هو باقٍ؟ والقولان عندنا، وسنبسطه فى الجهاد إن شاء الله تعالى.

وقوله: " إن هذا البلد حرمه الله " إلى قوله: " ولم تحل لى إلا ساعة من نهار "، وقد قال - أيضاً - فى الحديث الآخر: " إنه دخلها وعلى رأسه المغفر "، وفى الحديث الآخر: " وعلى رأسه عمامة سوداء بغير إحرام "، وسقط قوله: " بغير إحرام "، عند ابن أبى جعفر من شيوخنا، وثبت لسائرهم، ففى إثباتهم الحجة أنه لم يكن محرماً.

قال الإمام: قال بعض أصحابنا: لا تدخل مكة إلا بإحرام إلا لمثل إمام فى جيشه للضرورة، وقائل هذا اتبع الحديث على وجهه. واختلف قول مالك هل دخوله (١) بإحرام واجب أو مستحب؟ وأسقطه عمن يكثر تردده كالحطابين وأصحاب الفواكه.

قال القاضى: اختلف قول الشافعى فى ذلك كاختلاف قول مالك، ويمنعه إلا للحطابين ومن يكثر تردده عليها، وأجاز ذلك أبو حنيفة والليث. قال أبو حنيفة: إلا لمن


(١) فى ع: دخول مكة.

<<  <  ج: ص:  >  >>