للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ: ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَ حَدِيثِ ابْنِ نُمَيْرٍ. وَزَادَ فِى الحَدِيثِ: " وَلا يُرِيدُ أَحَدٌ أَهْلَ المَدِينَةِ بِسُوءٍ إِلا أَذَابَهُ اللهُ فِى النَّارِ ذَوْبَ الرَّصَاصِ أَوْ ذَوْبَ المِلحِ فِى المَاءِ ".

٤٦١ - (١٣٦٤) وَحَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، جَمِيعًا عَنِ العَقدِىِّ. قَالَ عَبْدٌ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ المَلِكِ بْنُ عَمْرٍو، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدٍ؛ أَنَّ سَعْدًا رَكِبَ إِلَى قَصْرِهِ بِالعَقيقِ، فَوَجَدَ عَبْدًا يَقْطَعُ شَجَرًا أَوْ يَخْبِطَهُ، فَسَلبَهُ. فَلْمَّا رَجَعَ سَعْدٌ جَاءَهُ أَهْلُ العَبْدِ، فَكَلمُوهُ أَنْ يَرُدَّ عَلى غُلامِهِمْ،

ــ

وقوله: " من أراد أهل المدينة بسوء أذابه الله فى النار ذَوْبَ الرصاص ": هذه الزيادة فى النار ترفع إشكال الأحاديث التى لم تذكر فيها، وأن هذا حكمه فى الآخرة، وقد يكون المراد به من أرادها فى حياة النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فى الدنيا، فيكفى أمره، ويضمحل كيده كما يضمحل الرصاص، ويكون فى " النار " مقدماً فى اللفظ، كما قال فى الحديث الآخر: " كما يذوب الملح فى الماء "، أو يكون ذلك لمن أرادها فى الدنيا فلا يمهله الله، ولا يُمكن سلطانه، ويذهبه عن قرب، كما انقضى من شأن من حاربها أيام بنى أمية مثل مسلم بن عقبة، وهلاكه منصرفه عنها، ثم هلاك يزيد بن معاوية مرسلة على إثر ذلك، وغيرهم ممن صنع مثل صنيعهم.

قيل: قد يكون الحديث فيمن كادها مغتالاً وطلب غرتها، فلا يتم له ذلك، خلاف من أتى ذلك جهارًا كالأمراء الذين استباحوها على ظاهر لفظة الحديث: " لا يكيد "، وهى فى الباب: ثنا أبو بكر بن أبى شيبة وعمرو الناقد، كلاهما عن أبى حامد، قال أبو بكر: ثنا محمد بن عبد الله الأسدى (١)، وعند العذرى: الأزدى، وهو خطأ. وفيه فى حديث ابن أبى شيبة ثنا عامر بن سعد (٢): " فسلبه " الذى يقطع شجراً، عن أبيه. وعند الصفدى: عمرو، والصواب عامر.

وذكر فى الحديث عن سعد: سَلبَهُ الذى يقطع شجرًا أو يخبطه. وقال لما كلم فى ذلك: " معاذ الله أن أرد شيئاً نفَّلنيه رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ". حجة فى تحريم المدينة ومنع لقطع شجرها، وعضد للحديث الآخر عنه - عليه السلام -: " من وجدتموه يصيد فى حرم المدينة


(١) هو محمد بن عبد الله بن الزبير أبو أحمد الأسدى، قال ابن معين: ليس به بأس، وقال مرة: ثقة. روى عنه أحمد بن حنبل وأبو بكر بن أبى شيبة، وحدث عن سفيان وأيمن بن نائل وغيرهما. انظر: التهذيب ٩/ ٢٥٤، ٢٥٥.
(٢) هو عامر بن سعد بن أبى وقاص الزهرى المدنى، روى عن أبيه وعثمان والعباس بن عبد المطلب وغيرهم، وروى عنه ابنه داود ومحمد بن المنكدر وسعيد بن المسيب. ذكره ابن حبان فى الثقات. انظر: التهذيب ٥/ ٦٣، ٦٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>