للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

لم يخلف أهله. كل ذلك رفقاً بأمته ورحمةً لهم، أو يكون أبقى الصداق فى ذمته وأنكحهُ نكاح تفويض حتى يتقوله صداق، أو حتى تكتسب بما معه من القرآن صداقاً، وليحرض بقوله هذا على تعليم القرآن وفضيلة أهله وشفاعتهم به.

وأشار الداودى إلى أنه إنما أنكحها بلا مشورة ولا صداق لأنه كان - عليه السلام - أولى بالمؤمنين من أنفسهم، كما قال تعالى (١)، وإذا احتمل هذا كله لم يكن فيه حجة على جواز النكاح بغير صداق أو بما لا قدر له.

قال الإمام: فيه دليل على جواز النكاح بالإجارة، وعندنا فى ذلك قولان: الجواز والكراهة، ومنعه أبو حنيفة فى الحُر وأجازه فى العبد، إلا أن تكون الإجارة تعليم القرآن، وهذا الذى استثناه بالمنع هو الذى وقع فى هذا الحديث إجازته، ولكنه طرد أصله فى أن القرآن لا يؤخذ عليه أجر ولم يذكر هنا فى الحديث اشتراط معرفة الزوج لفهم المرأة، وسرعة قبولها لما تتعلمه، وهذا محمله على أن أفهام النساء متقاربة، ومبلغها معروف أو فى حكم المعروف.

قال القاضى: يجوز أن كون المنافع صداقاً على الإطلاق. قال الشافعى وإسحاق والحسن بن حَىّ: وبكراهته قال أحمد. وروى عن مالك وعن أصحابه قولان: الجواز ابتداء ومطلقاً، ويفسخ ما لم يدخل، وروى مثله عن مالك أيضاً.

قال الإمام: قال الرازى: فيه دلالة على أن من خطب إلى رجل فقال له الآخر: زوجتك، أن النكاح لازم، وإن لم يقل له الآخر: قبلت، بخلاف البيع.

قال الإمام: لأن لفظ الحديث: " إن لم يكن لك بها حاجة فزوجنيها "، وقال فى الآخر: " قد ملكتكها بما معك من القرآن "، ولم يقل: إنه قال: قبلت.

قال القاضى: ترجم البخارى بمعنى هذا على هذا الحديث (٢)، قال المهلبُ: بساطُ الكلام أغنى عن ذلك، وكذلك فى كل راغب فى النكاح وإلا فيسأل الزوج: هل رضى بالصداق أم لا؟ وقول الرازى بخلاف البيع غير مسلم عندنا لو كان سمى ثمناً، فقال: بعنى هذا الثوب بدينارٍ، فقال: قد فعلت، أو بعتكه للزم، وإن لم يقل له الآخر: قد قبلت، ولا يحتاج فى النكاح لذكر العوض لجواز نكاح التفويض بخلاف البيع، فإن كان أراد الرازى هذا الافتراق فصحيحٌ، وإلا فهو ما قلناه.

قال الإمام: وفى الحديث - أيضاً - دلالة على انعقاد النكاح بغير لفظ النكاح


(١) إشارة إلى الآية رقم (٦) من سورة الأحزاب.
(٢) البخارى، ك النكاح، ب التزويج على القرآن وبغير صداق. الفتح ٩/ ٢٠٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>