للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

والتزويج، خلافًا للشافعى والمغيرة؛ لأنه ذكر هنا تمليكها. وفى البخارى: " قد ملكتها "، وفى بعض طرقه: " قد أمكنّاكها "، وعند أبى داود: " ما تحفظ من القرآن؟ ". قال: سورة البقرة والتى تليها، قال: " قم فعلمها عشرين آيةً وهى امرأتك " (١).

قال القاضى: روايتنا فى مسلم: " مُلِكتها " بضم الميم وكسر اللام عن غير واحدٍ، وروينا الحرف عن الخشنى: " قد ملكتكها "، كما ذكر البخارى، وذكر في الرواية الأخرى: " زوجتكها "، وقد قال أبو الحسن الدارقطنى: إن رواية من رواه " ملكتها " وَهْم، ورواية من قال: " زوجتكها " الصواب، وهم أكثر وأحفظ.

واختلف العلماء فى عقد النكاح بلفظ الهبة، مثل أن يقول الرجل: وهبت لك ابنتى على صداق كذا، فمنعه الشافعى وأبو ثور والمغيرة وابن دينار من أصحابنا، وأبو حنيفة ابتداء والثورى ومن تابعهم، وقالوا: لا يصح عقد النكاح إلا بلفظ النكاح أو التزويج.

وكما لا ينعقد هبة ولا بيع بلفظ النكاح، كذلك لا ينعقد بهما النكاح، وبخصوص الهبة للنبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وحكى ابن المواز نحوه عن مالكٍ وأصحابه، سمَّى صداقاً أم لا. وأنه لم يختلفوا فيه أنه يفسخ قبل، واختلفوا فى فسخه بعد الدخول. وبإمضائه بعد الدخول قال أبو حنيفة، وبفسخه أبداً قال الشافعى، وروى ابن القاسم عن مالك إجازته، وقال: هو كالبيع عنده بلفظ الهبة، وقال من قال بهذا القول: إنما خُص النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالهبة دون صداق وهذا هو حقيقة مذهبنا عند البغداديين.

قال ابن القصار: يصح النكاح بلفظ الهبة والصدقة والبيع إذا قصد به النكاح، ذكر الصداق أو أطلقوه، ولا يصح بلفظ الرهن ولا بلفظ الإجارة والعارية والوصية، ومن أصحابنا من أجازه بلفظ الإحلال والإباحة، وجوز هو منع ذلك؛ إذ ليسا بعقد والهبة عقد. وأصل مذهب الشافعى أنّه لا يجوز بغير لفظ النكاح والتزويج، وأبو حنيفة يجيزه بكل لفظ يقتضى التمليك على التأبيد، وقد ذكر عنه فى الهبة ما تقدم.

وقيل فى هذا الحديث من الفقه غير ما تقدم: جواز خطبة المرأة نفسها للرجال، وجواز سكوت المسؤول عن علم أو حاجة عن السائل إذا لم يوافقه جواب سؤاله، وحسن أدب النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ إذ سكت عن جوابها ولم يُخجلها بأن يقول: لا حاجة لى بك. وفيه من حسن أدبها هى؛ إذ سكت عنها أن لم تُلح عليه فى الجواب وتركته ونظرهُ. وفيه الكفاءة فى حق الدين والحرية لا فى المال، وجواز تزويج المعسر.

قال الخطابى: وفيه دليل إجازة إنكاح المرأة دون أن تسأل: هل هى فى عدة أم لا؟ حملاً على ظاهر الحال، والحكام يبحثون عن ذلك احتياطاً.


(١) أبو داود، ك النكاح ب فى التزويج على العمل يعمل (٢١١٢) عن أبى هريرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>