للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سَمِعْتَهُ منْ أَبِى سَعِيدٍ؟ قَالَ نَعَمْ، عَنِ النَّبِىِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " لا عَلَيْكُمْ أَلا تَفْعَلُوا، فَإِنَّمَا هُوَ الْقَدَرُ ".

١٢٩ - (...) وحدّثنا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى وَابْنُ بَشَّارٍ، قَالا: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ. ح وَحَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَبِيبٍ، حَدَّثَنَا خَالِدٌ - يَعْنِى ابْنَ الْحَارِثِ - ح وَحَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِىٍّ وَبَهْزٌ، قَالُوا جَمِيعًا: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَنَس بْنِ سِيرينَ، بِهَذَا الإِسْنَادِ، مِثْلَهُ. غَيْرَ أَنَّ فِى حَدِيثِهِم: عَنِ النَّبِىِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ فِى الْعَزْلِ: " لا عَلَيْكُمْ أَلا تَفْعَلُوا ذَاكُمْ، فَإِنَّمَا هُو الْقَدَرُ ".

وَفِى رِوَايَةِ بَهْزٍ قَالَ شُعَبَةُ: قُلْتُ لَهُ: سَمِعْتَهُ مِنْ أَبِى سَعِيدٍ؟ قَالَ: نَعَمْ.

ــ

وقوله أردنا أن نستمتع ونعزل، فسألنا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن ذلك فقال: " لا عليكم ألا تفعلوا، فإنما هو القدر " الحديث، وفى الحديث الآخر: " فلم ينهنا "، وفى الآخر: " كنا نعزل والقرآن ينزل "، وفى الآخر: " اعزل إن شئت ": كلهُ دليل على جواز العزل على الجملة، لكن فهم من قوله: " لا عليكم ألا تفعلوا " الحسن وابن سيرين النهى. فقال الحسن فى الكتاب: لكأنَّ هذا زجرٌ. وقال ابن سيرين: هو أقرب إلى النهى.

ومثله قوله فى الحديث الآخر: " فلم يفعل ذلك أحدكم "، وفى الآخر: " وإنكم لتفعلون " ثلاثاً: فظاهره كله الكراهة والإنكار، وقيل: قوله: " لا عليكم ألا تفعلوا " يحتمل إباحة العزل، ويحتمل إباحة غيره بدلالة قوله: " ما من نسمةٍ كائنةٍ إلا وهى كائنة ".

وفى الحديث الآخر: " ذاك الوأد الخفى " (١)، وذكر: {وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَت} (٢)، الوأد: قتل البنات الصغار كما كانت تصنع العرب، ثم استعمل فى الذكور والإناث. وكانت العرب تفعله لعلتين: للغيرة على البنات، ولتخفيف مؤن العيال، قال الله تعالى: {وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إمْلاقٍ نَّحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُم} (٣) الآية، وليس مقتضى قوله هذا التحريم بل التشبيه، كما قيل فى الرياء: " الشرك الخفى "، لكن فيه دليل الكراهة. وبكراهته قال بعض الصحابة، وبإجازته قال كثير منهم، ومن التابعين وفقهاء الأمصار.

واختلفوا هل للمرأة فى ذلك حق؟ فرآه مالك والشافعى وأصحابهما حقًا لها إذا كانت حرة، فلا يعزل عنها إلا بإذنها، وكأنهم رأوا الإنزال من تمام لذتها وحقها فى الولد،


(١) سيأتى فى نفس الكتاب، ب جواز الغيلة وهى وطء المرضع وكراهة العزل برقم (١٤١).
(٢) التكوير: ٨.
(٣) الإسراء: ٣١.

<<  <  ج: ص:  >  >>