للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حَيْضَتِها الَّتِى طَلَّقَها فِيهَا، فَإِنْ بَدَا لَهُ أَنْ يُطلِّقها، فلْيُطَلِّقْها طَاهِرًا مِنْ حَيْضَتِها قَبْلَ أَنْ يَمَسُّها، فَذَلِكَ الطَّلاقُ لِلْعَدَّةِ كَما أَمَرَ اللهُ ".

ــ

فكأن مِجَنَّى، دون من كنت أتقى ... ثلاث شخوص كاعِبان ومُعْصِر

فأنث على معنى الشخوص، لا على [معنى] (١) اللفظ، وحكى أبو عمر وابن العلاء أنه سمع أعرابياً يقول: [فلان] (٢) جاءته كتابىّ فاحتقرها، قال: فقلت له القول: جاءته كتابى، فقال: أليس بصحيفة، فأخبر أنه أنّث مراعاة للفظ الصحيفة الذى لم يذكره لما كانت فى المعنى هى الكتاب المذكور، ونحو من هذا قول الشاعر:

أتهجر بيتنا بالحجاز تلفقت به ... الخوف والأعداء أم أنت زائر

أراد المخافة، فأنث لذلك. وقال آخر:

غفرنا وكانت من سجيتنا الغفر

أنث الغفر لأنه أراد المغفرة. وقد تعلق أصحاب أبى حنيفة بأن المصير إلى القول بالأطهار خروج عن ظاهر القرآن؛ لأن القرء فى اللغة يطلق على الطهر وعلى الحيض، وهو من الأسماء المشتركة، فإذا طلّق وقد مضى من الطهر شىء، فعندكم أنها تعتد ببقية الطهر، وهذا يوجب كون العدة قرأين وبعض ثالث. فإذا قلنا بالحيض، كانت العدة ثلاث أقراء كوامل؛ إذ لا يصح الطلاق فى الحيض، وقد أدى بابن شهاب هذا الاعتراض إلى أن ركب أن الطهر الذى وقع الطلاق فيه، وقد ذهب بعضه لا يعتد به، ويستأنف ثلاث تطهيرات (٣) سواء، وهذا مذهب انفرد به كل من قال بأن الأقراء هى الأطهار، يعتد بالطهر وإن مضى أكثره.

وقال بعضهم - مجيباً عن قول أصحاب أبى حنيفة -: إن القرء: التنقل من حال إلى حال، فالمستحق لهذه التسمية على موجب هذا الاشتقاق، وعلى ما أصّلناه آخر زمن الطهر الذى يليه الحيض، ويعقبه الانتقال من حال إلى حال، فعلى هذا يسقط ما قاله أصحاب أبى حنيفة، ويكون الاعتداد بثلاثة أقراء كوامل، وإن ذهب بعض الطهر.

وأجاب بعض أصحابنا - أيضاً - بجواب آخر، فقال: غير بعيد تسمية الشيئين وبعض الثالث ثلاثة، وقد قال تعالى: {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَات} (٤)، وهى شهران وعشرة أيام.


(١) ساقطة من ع.
(٢) من ع.
(٣) فى ع: طهارات.
(٤) البقرة: ١٩٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>