للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

ممن كان على طهارة، وجلس قوم يتحدثون. ففى تلك الزيادة أن الإمام أحق بالإمامة من صاحب الدار ومن كل من حضر، وقد ترجم عليه البخارى بإمامة الزائر (١)، وقد جاء فى الحديث النهى عن ذلك وعن أن يؤم الرجل فى سلطانه، وأن صاحب الدار، أحق بالإمامة (٢)، لكنه حق له، فإن تركه وقدم غيره جاز ذلك، بل يستحب له أَنْ يُقَدِّم أفضل من حضر، فإن لم يفعل وكان ممن تجوز إمامته كان أولى، إلا أن يحضر الإمام أو أبو رب المنزل، أو عمه، وهما ممن يصلح إمامتهما، فهؤلاء أولى منهم، والنبى - عليه السلام - هنا هو الإمام، وهو المدعو ليصلى ويتقدم، فلا حجة فيه لترجمة البخارى إلا على تخصيص عموم الحديث.

وفيه جواز الصلاة جماعة فى المنزل وفى النوافل، وجواز التنبيه على أهل الريب فى الدين والمتهمين فيه، على طريق النصيحة للمسلمين وإمامهم، وذلك لما رأوا من تخلف هذا عنهم فى موطنٍ مشهود كثير البركة، ولا ظهر عنه من الاغتباط به والفرح بوصول النبى - عليه السلام - إلى دارهم والاستكثار منه، والمبادرة إلى لقيّه، والسلام عليه بما (٣) يجب، مع ما رأوا منه قبل هذا من الصغْو إلى المنافقين، كما ذكر فى هذا الحديث من غير هذا الطريق (٤)، فقوى سوء ظنهم به، واشتد غيظهم عليه، ولكنه لما كان عند النبى - عليه السلام - من أهل الشهادتين، وممن لم يظهر منه نفاقٌ لم يسقط صحة الظاهر لريبة الباطن، بل (٥) قد قال - عليه السلام - فى رواية البخارى: " ألا تراه قال: لا إله إلا الله يبتغى بها وجه الله ".

وقوله: " فيدخل النار ": على ما قدمناه من الحكم على الظاهر وحسن الظن بكمال إيمانه وصحة إسلامه، فلا يدخلها بالوفاء بحق الشهادتين، إذ كان ذلك فى أول الإسلام وتخفيفه (٦) وقبل نزول الشدائد (٧) والأوامر والنواهى، أو دخول خلود، وكذلك تأويل اللفظ الآخر: " فتطعمه النار " أو يكون تطعم جميعه، لما جاء أن أهل التوحيد لا تأكل النار جملة أجسادهم وأنها تتحاشى عن مواضع سجودهم وقلوبهم ودارات وجوههم ومواضع من


(١) فى الكتاب السابق، ب إذا زار الإمام قوماً فأمهم ١/ ١٧٥.
(٢) من ذلك قوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فيما أخرجه الترمذى والنسائى وأحمد من حديث أبى مسعود البدرى الأنصارى: " لا يُؤم الرجلُ فى أهله ولا فى سلطانه، ولا يُجلس على تكرمته إلا بإذنه " الترمذى، ك الأدب، ب ٢٤، والنسائى، ك الإمامة، ب اجتماع القوم وفيهم الوالى ٢/ ٧٧، أحمد فى المسند ٤/ ١١٨، قال الترمذى: " هذا حديث حسن صحيح " ٥/ ٩٩. وراجع ما أخرجه أبو داود، ك الصلاة، ب إمامة الزائر ١/ ١٤٠، ومعالم السنن ١/ ٣٠٨، أبو عوانة ٢/ ٣٦، الطبرانى فى الكبير ١٧/ ٢٢٥.
(٣) فى الأصل: ما يجب.
(٤) من ذلك ما أخرجه أحمد من حديث عتبان: " وتخلف رجل منهم يقال له مالك بن الدخشن، وكان يزين بالنفاق " وفى الحديث الآخر له: " أما نحن فنرى وجهه وحديثه إلى المنافق " ٤/ ٤٤.
(٥) فى الأصل رسمت: بلى.
(٦) فى الأصل: فخفيفه.
(٧) فى الأصل: التشديد.

<<  <  ج: ص:  >  >>